Halloween party ideas 2015



إن القارئ للقرآن الكريم يجد أن الوصاية ببر الوالدين كثيرا ما تقترن بتوحيد الله. فبعد الأمر بعبادة الله وحده والنهي عن الشرك به نجد الأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما. وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن حق الوالدين هو أولى الحقوق بالأداء بعد حق الله تعالى.

يقول الله تعالى:

وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (النساء 36:4)

ويقول تعالى:

قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (الأنعام 151:6)

والأمر بالإحسان إلى الوالدين ليس مقصورا على الأمة الإسلامية، وإنما كان أيضا من الأوامر التي خلت في الأمم السابقة. ومن العجيب أنه مقترن أيضا بتوحيد الله وعبادته وحده لا شريك له. يقول الله تعالى:

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (البقرة 83:2)

ولقد كان بر الوالدين من دواعي ثناء القرآن الكريم على بعض الأنبياء والمرسلين. فبر الوالدين من أخلاق النبوة والرسالة. فيقول الله تعالى مثنيا على سيدنا يحيى بن زكريا:

وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (مريم 14:19)

كما يقول تعالى حكاية عن سيدنا عيسى بن مريم:

وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (مريم 32:19)

وبر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله تعالى. فعن عبد الله بن مسعود قال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله الخ (البخاري)

ولقد كان بر الوالدين قبل الفتح مقدما على الهجرة، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم فبايعه عَلَى الْهِجْرَةِ، وَتَرَكْ أَبَوَيّه يَبْكِيَانِ؟ قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا (أحمد وأبو داود وابن ماجه)

ولقد حدد الله تعالى بعض الكيفيات التي يمكن للمؤمن بر والديه من خلالها. ومن هذه الكيفيات الإنفاق عليهما حال هرمهما، حيث يبين القرآن الكريم أن الوالدين هما أولى الناس بالإنفاق. يقول الله تعالى:

يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (البقرة 215:2)

ومن هذه الكيفيات أيضا الدعاء بالمغفرة لهما. وفي الحقيقة، كان الدعاء للوالدين سنة الأنبياء والمرسلين. يقول الله تعالى حكاية عن سيدنا إبراهيم عليه السلام:

رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (إبراهيم 41:14)

كما يقول الله تعالى حكاية عن سيدنا نوح عليه السلام:

رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (نوح 28:71)

ومن بر الوالدين أن يقول المؤمن لوالديه قولا كريما وأن يجتنب نهرهما وسوء القول لهما. يقول الله تعالى:

وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (الإسراء 23:17)

ومن بر الوالدين طاعتهما، فطاعة الوالدين واجبة على كل حال إلا إذا أمرا بشرك أو بمعصية. يقول الله تعالى:

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (العنكبوت 8:29)

ومع ذلك، فإن أمر الوالدين بشرك أو معصية لا يسوغ عقوقهما وإنما على المؤمن أن يقيم على إحسانه إلى والديه وأن يطيعهما ولا يعصيهما إلا في الشرك والمعصية فقط. يقول الله تعالى:

وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ (لقمان 15:31)

ومن بر الوالدين شكرهما. فكما أن بر الوالدين مقترن بتوحيد الله، فإن شكره أيضا مرتبط بشكر الوالدين لأن أولى الناس بالشكر بعد الله تعالى هما الوالدان. يقول الله تعالى:

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (لقمان 14:31)

ويقول تعالى:

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (الأحقاف 15:46)

ولبر الوالدين فضل عظيم. فهو يطيل العمر ويزيد الرزق، فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ ، وَ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ (الإمام أحمد)

ويتوعد الله تعالى العاق لوالديه في القرآن الكريم بالخسران. يقول الله تعالى:

وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (الأحقاف 17:46)

ويعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دعوة الوالدين على ولدهما من الدعوات المستجاب لها. فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَهُنَّ، لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ” (الإمام أحمد)

كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن العاق لوالديه ممن لا تقبل أعمالهم. فعن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ثَلَاثَةٌ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ صَرْفا وَلَا عَدْلا: عَاقٌّ، وَمَنَّانٌ، وَمُكَذِّبٌ بِقَدْرٍ” (الطبراني)

فاجأ الممثل البلجيكي جان كلود فان دام، ملايين المشاهدين عندما تحدث عن شخص النبي محمد (ص)، أثناء استضافته في برنامج "نعم أنا مشهور" المذاع عبر فضائية "أم بي سي".

وقال فان دام "كان النبي محمد على قدر عال من الذكاء، كان يعلم ما هو جيد للمستقبل وللجسد، لذا انظروا إلى الطعام في الماضي، فستجدون كل شيء مفيدا".

وأضاف "اقرأوا أكثر عن الموضوع ستجدون الكثير من الأشياء الجيدة عن المسلمين".

ونصح الممثل العالمي الشباب المغرمين بممارسة التمارين الرياضية ويستخدمون العقاقير الكيميائية بأن "تلك المنشطات والعقاقير تضر بصحة الشباب، وعليهم اتباع أنظمة غذائية صحية، وألا يكثروا من تناول اللحوم".

وكشف فان دام السبب وراء كثرة زيجاته وانفصالاته قائلا "أنا شخص متقلب المزاج يصعب تحملي، لكنني لا أنسى فضل زوجاتي في إنجاب أبنائي الثلاثة".

وعن علاقته بابنته بيانكا، قال "أشعر بالغيرة على ابنتي، من سيتزوج منها سيشعر بالخوف دائما من قوتها، وكذلك من قوة والدها وأخواتها".

 




صحفي يهودي منصف للإسلام

الكاتب :يوري افنري

ترجمة الدكتور نهى أبو كريشة

أستاذة الأمراض العصبية كلية طب القاهرة

منذ الأيام التي كان فيها الإمبراطور الروماني يلقي بالمسيحيين للأسود والعلاقة بين الإمبراطور و رئيس الكنيسة أصابها الكثير من المتغيرات.

الكنيسة انقسمت إلى الكنيسة الشرقية(اورثوذوكس) و الكنيسة الغربية( الكاثوليك)

في الغرب حبر الكنيسة الرومانية(الكاثوليكية) الذي لقب بالبابا الذي كان يصر على ان يتقبل الإمبراطور علو مكانته عليه.

المعركة بين الإمبراطور والبابا شكلت الكثير في التاريخ الأوروبي كما ساهمت في تقسيم الناس. بعض الأباطرة لفظوا البابا وأهملوه، كما أن بعض البابوات لفظوا الأباطرة., وحرموهم كنسيا, ويذكر في التاريخ كيف أن هنري الرابع وقف أمام قلعة البابا حافي القدمين في الثلج مدة ثلاثة أيام حتى قرر البابا ان يبطل قرار الحرمان الكنسي..

لكن هناك أوقات يتعايش البابا والإمبراطور مع بعضهما بسلام ونعيش نحن هذه الحقبة الآن البابا بندكت السادس عشر والإمبراطور الحالي بوش الثاني بينهما الكثير من الانسجام.حيث كانت تصريحات البابا الأخيرة متماشية بصورة رائعة مع الحملة الصليبية بقيادة بوش الثاني ضد الفاشية الإسلامية في اطار صراع الحضارات.

في محاضرة البابا رقم 265 في الجامعة الالمانية كان يشرح ما اسماه الفرق الكبير بين المسيحية و الاسلام. حيث قال ان المسيحية مبنية على العقلانية والسببية بينما الإسلام يتجاهل ذلك كما أن المسيحية ترى الحكمة في أعمال الله فان المسلم ينكر اي منطق في أفعال الرب.


بالنسبة إلي و أنا يهودي ملحد لا يوجد لدي النية في أن ابحث هذه الجدلية. وان كان كلام البابا يتخطى فدرتي على فهم منطقه.إلا أنني لا أستطيع أن أتجاوز رسالته فهي تعنيني كإسرائيلي يعيش على الجانب الخاطئ في ما يسمى بحرب الحضارات.


في تأكيد منطقه في غياب العقلانية في الإسلام ادعى أن محمدا أمر أتباعه إلى نشر الإسلام بالسيف. كيف يولد الإيمان من الجسد؟ الإيمان لا ينبع إلا من الروح. كيف ينشر السيف الإيمان كيف يؤثر السيف في الروح؟.

ولكي يؤكد على كلامه اقتبس كلام الإمبراطور مانويل الثاني الذي قال أن كل ما جاء به محمد هو شر و شيطاني ولا إنساني وانه دعا إلى نشر الإيمان بالسيف.

هذه الكلمات تؤدي إلى ثلاثة أسئلة:

 لماذا قال هذا الإمبراطور هذا الكلام ؟ وهل هذه كلمات حقيقية؟ ولماذا البابا الحالي اقتبس هذه الكلمات؟.

عندما صاغ هذا الإمبراطور هذه العبارة كان على راس امبراطورية تحتضر تحت الخطر التركي الذي استطاع الوصول إلى الدانوب و اخذ بلغاريا وشمال اليونان وفي عام 1453 أي بعد وفاة مانويل بسنوات قليلة سقطت القسطنطينية (استانبول حاليا) عاصمة امبراطورية دامت ألف عام.

كان الإمبراطور يحاول بكلماته حث ملوك أوروبا واستثارة حميتهم الدينية بان يقوموا بشن حرب صليبية جديدة ضد الأتراك واعدا إياهم بتوحيد الكنيسة. الهدف كان سياسيا (الدين في خدمة السياسة).

من هذا المنطلق هذه الكلمات تستخدم حاليا لتوحيد العالم المسيحي ضد المسلمين (محور الشر). الأتراك مازالوا يدقون أبواب أوروبا هذه المرة سلميا (تسعى تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوربي) من المعلوم أن البابا يعارض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

هل كلمات مانويل حقيقية؟

حتى البابا نفسه في اقتباسه لهذه الكلمات قالها بحذر فهو لا يستطيع أن ينكر ما هو مقرر ومشهور ومكتوب في القرآن نفسه من رفض الإكراه في العقيدة وقد اقتبس البابا بنفسه الآية التي في السورة الثانية من القرآن التي تقول لا إكراه في الدين

كيف يستطيع المرء أن يتعامل مع هاتين العبارتين المتعارضتين البابا أوجد حلا عجيبا إذ قال أن هذا كان عندما كان محمد ضعيفا بلا قوة أما عندما أصبح قويا استعمل السيف لنشر الإيمان

في الحقيقة أن محمدا استعمل السيف في حروبه مع أعدائه من يهود ومشركين و مسيحيين و غيرهم عند تكوين دولته إلا أن هذا كان عملا سياسيا و ليس دينيا.

المسيح يقول:تعرفوا على الناس من ثمراتهم.

 نستطيع أن نعلم كيف تعامل الإسلام مع مختلف الأديان من خلال اختبار بسيط :كيف تعامل الحكام المسلمون مع أهل الأديان المختلفة لأكثر من ألف عام عندما كان لديهم المقدرة و القوة على نشر الإيمان بالسيف؟

في الحقيقة أنهم لم يستعملوه.


لقد حكم المسلمون اليونان فهل أصبح اليونانيون مسلمين هل حاول احدهم

 أسلمتهم ؟على العكس لقد تبوأ المسيحيون اليونانيون مراكز عليا في تركيا العثمانية. الصرب والبلغار وغيرهم من الدول الاوربية التي كانت تحت الحكم العثماني ظلت مسيحية نعم الالبان و البوسنيون أصبحوا مسلمين ولكن هذا كان خيارهم و ليس بالاكراه.

في عام 1099 الصليبيون اجتاحوا القدس و ذبحوا المسلمين و اليهود المقيمين فيها دون تمييز باسم المسيح الطيب الرقيق. في هذا الوقت اي بعد 400 عام من حكم القدس من قبل المسلمين كان المسيحيون في القدس اكثرية طوال هذه الفترة الطويلة لم يقهرهم احد على التحول للاسلام. فقط بعد انتهاء هذه الحروب الصليبية تحول المسيحيون الفلسطينيون الى الاسلام طوعا وتكلموا العربية وهم اجداد الفلسطينيين المسلمين الحاليين.

كما انه لا يوجد اي دليل على اي محاولة مورست ضد يهودي لتحويله للاسلام. وكما هو معروف جدا لقد تمتع اليهود بالعيش تحت حكم المسلمين في الاندلس كما لم يتمتعوا في اي مكان حتى وقتنا الحالي. في اسبانيا المسلمة كان اليهود سفراء ووزراء وشعراءو علماء. في اسبانيا المسلمة عمل العلماء اليهود والمسيحيون والمسلمون معا على ترجمة الفلسفة الاغريقية و اليونانية والمخطوطات العلمية. لقد كان بحق عصرا ذهبيا.كيف كان هذا ليكون لو كان محمد امر بنشر الاسلام بالسيف.

ولنتعرف على ما حدث بعد ذلك عندما استولى الكاثوليك على اسبانيا لقد عملوا إرهابا دينيا كان اليهود والمسلمون أمامهم خيار بشع إما أن يصبحوا مسيحيين أو يذبحوا أو يهجروا. مئات الألوف من اليهود الذين رفضوا التخلي عن عقيدتهم تلقتهم الدول الإسلامية بأذرع مفتوحة من المغرب غربا إلى العراق شرقا و من بلغاريا شمالا (كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية) إلى السودان جنوبا

لم يحدث لهم ما فعلته بهم الدول الأوربية المسيحية بدءا من التطهير العرقي والطرد الجماعي و انتهاء بالهولوكست(المحرقة).

لماذا لان الإسلام يحرم اضطهاد أهل الكتاب و يجعل لهم مكانة خاصة فقد كانوا يدفعون ضريبة مالية مقابل إعفائهم من الخدمة العسكرية و كان هذا أمرا مرحبا به جدا من قبل اليهود.

ان اي يهودي امين لا يستطيع الا ان يشعر بالعرفان و التقدير للاسلام و اهله الذين حموا خمسين جيلا من اليهود في الوقت الذي كان فيه العالم المسيحي يضطهد اليهود ويحاول تغيير عقيدتهم بالسيف .

هذه المقولة الشريرة عن انتشار الاسلام بالسيف لا تروج الا اثناء الحروب الكبرى ضد المسلمين في اوروبا وان البابا الحالي رغم انه عالم ديني يبدو انه لم يبذل اي جهد لدراسة تاريخ الاديان الاخرى.

لماذا في خطاب عام كانت كلمات البابا؟ ولماذا الآن؟.

لا يمكن ان تخرج هذه الكلمات عن سياق الحرب الصليبية الجديدة بقيادة بوش ومن يساندونه من المبشرين الانجليين. في اعلان الحرب على الفاشية الإسلامية (بزعمهم) والحرب الكونية على الارهاب عندما اصبح الارهاب مرادفا للاسلام.بالنسبة لبوش كان هذا كافيا ليخفي الحقيقة العارية بانه يريد السيطرة على منابع النفط. ليست اول مرة في التاريخ التي يستخدم فيها الغطاء الديني لاخفاء النهم الاقتصادي.ليست اول مرة حملة القراصنة تصبح حملة صليبية.

لمراسلة الصحفي يوري افنري : avnery@actcom.co.il


المصدر: مقالة لكاتب يهودي يرد فيها على كذب انتشار الإسلام بالسيف ويرد على خطاب البابا بندكت السادس

أعداء الإسلام في لحظات صدق

"إن أخشى ما نخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد"
بن جوريون
*****
*
"لكننا وجدنا أن الخطر الحقيقي علينا موجود في الإسلام وفي قدرته على التوسع والإخضاع وفي حيويته المدهشة"
لورانس بروان

*****
"من يدري؟ ربما يعود اليوم الذي تصبح فيه بلاد الغرب مهددة بالمسلمين يهبطون إليها من السماء لغزو العالم مرة ثانية، وفي الوقت المناسب"
ألبر مشادور

*****
"المسلمون يمكنهم أن ينشروا حضارتهم في العالم الآن بنفس السرعة التي نشروها بها سابقاً، بشرط أن يرجعوا إلى الأخلاق التي كانوا عليها حين قاموا بدورهم الأول، لأن هذا العالم الخاوي لا يستطيع الصمود أمام روح حضارتهم"
مرماديوك باكتول

*****
"إذا اتحد المسلمون في إمبراطورية عربية، أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطراً أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة له، أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير"
المنصر لورانس بروان

*****
"إن الوحدة الإسلامية نائمة، لكن يجب أن نضع في حسابنا أن النائم قد يستيقظ"
أرنولد توينبي

*****
"إذا أعطي المسلمون الحرية في العالم الإسلامي وعاشوا في ظل أنظمة ديمقراطية فإن الإسلام ينتصر في هذه البلاد، وبالديكتاتوريات وحدها يمكن الحيلولة بين الشعوب الإسلامية ودينها"
المستشرق الأمريكي "و ك سميث" (الخبير بشؤون الباكستان)

*****
"و ماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا"
لاكوست (وزير المستعمرات الفرنسي عام 1962)

*****
"لا يوجد مكان على سطح الأرض إلا واجتاز الإسلام حدوده وانتشر فيه؛ فهو الدين الوحيد الذي يميل الناس إلى اعتناقه بشدة تفوق أي دين آخر"
هانوتو (وزير خارجية فرنسا سابقاً)

*****
"إن الخطر الحقيقي على حضارتنا هو الذي يمكن أن يحدثه المسلمون حين يغيرون نظام العالم"
سالازار

*****
"إن الخطر الحقيقي الذي يهددنا مباشراً وعنيفاً هو الخطر الإسلامي، فالمسلمون عالم مستقل كل الاستقلال عن عالمنا الغربي؛ فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص بهم، ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة فهم جديرون أن يقيموا قواعد عالم جديد دون الحاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية في الحضارة الغربية"

"إن الإسلام يفزعنا عندما نراه ينتشر بيسر في القارة الإفريقية"
مورو بيرجر

*****
"يجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم، حتى ننتصر عليهم"
الحاكم الفرنسي في الجزائر بعد مرور مائة عام على احتلالها
*****
"إذا وجد القائد المناسب الذي يتكلم الكلام المناسب عن الإسلام، فإن من الممكن لهذا الدين أن يظهر كإحدى القوى السياسية العظمى في العالم مرة أخرى"
المستشرق البريطاني مونتجومري وات


شهادة المنصفين من أهل الكتاب والكفار وأعدائه له بالصحة والصدق:

وهذا من باب أن أقوى الشهادات على صحة الشيء شهادة الخصوم ؛ فأهل الكتاب والكفار مع شدة عداوتهم للقرآن ، إلا أن منهم من اعترف به ، وأقر بصدقه وصحته، وهذا الدليل مأخوذ من قوله تعالى:

( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ( [الأنعام:114].

وقوله جل جلاله:( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ( [القصص:52-53].

وقوله تعالى : ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ( [الإسراء:106-108].

وقوله سبحانه : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ( [الأحقاف:10] .

وقوله تعالى (...وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ( [المائدة:82-85].

أخرج مسلم عن أبي ذر قَالَ:قَدْ صَلَّيْتُ قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ ( بِثَلَاثِ سِنِينَ . قُلْتُ: لِمَنْ؟ قَالَ :لِلَّهِ . قُلْتُ :فَأَيْنَ تَوَجَّهُ ؟ قَالَ :أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِي رَبِّي ،أُصَلِّي عِشَاءً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أُلْقِيتُ ، كَأَنِّي خِفَاءٌ حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ ،فَقَالَ أُنَيْسٌ :إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنِي . فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَرَاثَ (424)عَلَيَّ ثُمَّ جَاءَ ، فَقُلْتُ :مَا صَنَعْتَ ؟ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ . قُلْتُ :فَمَا يَقُولُ النَّاسُ ؟ قَالَ :يَقُولُونَ شَاعِرٌ كَاهِنٌ سَاحِرٌ –وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ –قَالَ أُنَيْسٌ :لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعْدِي أَنَّهُ شِعْرٌ ،وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . قَالَ قُلْتُ :فَاكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ . قَالَ :فَأَتَيْتُ مَكَّةَ فَتَضَعَّفْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ ،فَقُلْتُ :أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ ؟ فَأَشَارَ إِلَيَّ ،فَقَالَ :الصَّابِئَ . فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلٍّ مَدَرَةٍ (425) وَعَظْمٍ حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ ،قَالَ :فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ . قَالَ :فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا ،وَلَقَدْ لَبِثْتُ يَا ابْنَ أَخِي ثَلَاثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي ، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ ...)(426).

(وأخرج ابن إسحاق والبيهقي(427) من طريق عكرمة ، أو سعيد عن ابن عباس :أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش ، وكان ذا سن فيهم ، وقد حضر الموسم ،فقال :إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قول بعضكم بعضا ، فقالوا :فأنت يا أبا عبد شمس فقل ، وأقم لنا رأيا نقوم به ، فقال: بل أنتم فقولوا لأسمع . فقالوا :نقول كاهن . فقال :ما هو بكاهن، لقد رأيت الكهان فما هو بزمزمة الكاهن وسحره . فقالوا :نقول : مجنون . فقال :وما هو بمجنون ، ولقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته . قال :فنقول: شاعر . قال :فما هو بشاعر ، قد عرفنا الشعر برجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر . قال :فنقول : ساحر. قال :فما هو ساحر ، قد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثه ولا عقده . فقالوا :ما تقول يا أبا عبد شمس ؟ قال :والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لمعذق وإن فرعه لجنى ،فما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول لأن تقولوا : ساحر . فتقولوا : هذا ساحر يفرق بين المرء وبين أبيه ، وبين المرء وبين أخيه ، وبين المرء وبين زوجته ، وبين المرء وعشيرته ، فتفرقوا عند ذلك ، فجعلوا يجلسون للناس حين قدموا الموسم ، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره ،فأنزل الله عز وجل في النفر الذين كانوا معه ، ويصفون له القول في رسول الله فيما جاء به من عند الله : ( الذين جعلوا القرآن عضين ( أي أصنافا ( فوربك لنسألنهم أجمعين ( أولئك النفر الذين يقولون ذلك لرسول الله لمن لقوا من الناس ،قال :وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله ، وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها .

وأخرج أبو نعيم(428) من طريق العوفي ، عن ابن عباس ، قال :أقبل الوليد بن المغيرة على أبي بكر يسأله عن القرآن ،فلما أخبره خرج على قريش ،فقال :يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة ، فوالله ما هو بشعر ، ولا سحر ، ولا بهُذاء مثل الجنون ، وان قوله لمن كلام الله .

وأخرج ابن إسحاق والبيهقي وأبو نعيم(429) ، عن ابن عباس قال :قام النضر بن الحارث ابن كلدة ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ،فقال :يا معشر قريش ، إنه والله لقد نزل بكم أمر ما ابتليتم بمثله ، لقد كان محمد فيكم غلاما حدثا ، أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثا ، وأعظمكم أمانة ، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب ، وجاءكم بما جاءكم : قلتم ساحر . لا والله ما هو بساحر ؛ قد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم ، وقلتم : كاهن . لا والله ما هو بكاهن ؛ قد رأينا الكهنة وحالهم وسمعنا سجعهم ، وقلتم : شاعر . لا والله ما هو بشاعر ؛ لقد روينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه ، وقلتم : مجنون . لا والله ما هو بمجنون؛ لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه ، يا معشر قريش انظروا في شأنكم، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم .

وأخرج ابن إسحاق والبيهقي(430) ، عن محمد بن كعب ، قال :حُدَّثْتُ أن عتبة بن ربيعة قال ذات يوم ورسول الله ( في المسجد :يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا فأكلمه ، فأعرض عليه أمورا لعله أن يقبل منها بعضها ويكف عنا ؟ قالوا :بلى يا أبا الوليد . فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله ( ،قال عتبة :يا محمد أنت خير أم هاشم ؟ أنت خير أم عبد المطلب ؟ أنت خير أم عبد الله ؟ فلم يجبه قال :فبم تشتم آلهتنا ، وتضلل آباءنا ،فإن كنت إنما بك الرئاسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسنا ما بقيت ، وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أي بنات قريش شئت ، وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستعين بها أنت وعقبك من بعدك . ورسول الله ( ساكت ولا يتكلم ، حتى إذا فرغ عتبة ،قال رسول الله ( :يا أبا الوليد . قال :نعم . قال :فاسمع مني . قال :افعل . فقال رسول الله ( : بسم الله الرحمن الرحيم ( حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا ( فمضى رسول الله فقرأها عليه ، فلما سمعها عتبة أنصت لها وألقى بيديه خلف ظهره معتمدا عليهما ، يسمع منه حتى انتهى رسول الله إلى السجدة فسجد فيها ،ثم قال :سمعت يا أبا الوليد ؟ قال :سمعت. قال :فأنت وذاك . فقام عتبة إلى أصحابه ، فقال بعضهم لبعض :نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به . فلما جلس إليهم ،قالوا :وما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال: ورائي إني والله قد سمعت قولا ما سمعت بمثله قط ، والله ما هو بالشعر ، ولا السحر ، ولا الكهانة ،يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي ، خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه ، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ ؛ فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب ، فملكه ملككم ، وعزه عزكم ، وكنتم أسعد الناس به . قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه . فقال :هذا رأيي لكم فاصنعوا ما بدا لكم)(431).

وهذه بعض شهادات المنصفين من المعاصرين :

-يقول إبراهيم خليل(432):( يرتبط هذا النبي ( بإعجاز أبد الدهر بما يخبرنا به المسيح –عليه السلام- في قوله عنه:(ويخبركم بأمور آتية) ، وهذا الإعجاز هو القرآن الكريم ، معجزة الرسول الباقية ما بقي الزمان ، فالقرآن الكريم يسبق العلم الحديث في كل مناحيه ؛ من طب وفلك و جغرافيا وجيولوجيا وقانون واجتماع وتاريخ… ففي أيامنا هذه استطاع العلم أن يرى ما سبق إليه القرآن بالبيان والتعريف ..)(433) .

وقال : ( أعتقد يقينا أني لو كنت إنسانا وجوديا ، لا يؤمن برسالة من الرسالات السماوية، وجاءني نفر من الناس وحدثني بما سبق به القرآن العلم الحديث في كل مناحيه ؛ لآمنت برب العزة والجبروت خالق السماوات والأرض ، ولن أشرك به أحدا)(434).

وقال بلاشير(435): (إن القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط، إنه أيضاً و يمكنه أن يكون قبل أي شيء آخر تحفة أدبية رائعة ، تسمو على جميع ما أقرته الإنسانية وبجلته من التحف ، إن الخليفة المقبل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المعارض الفظ في البداية للدين الجديد ،قد غدا من أشد المتحمسين لنصرة الدين عقب سماعه لمقطع من القرآن ، وسنورد الحديث فيما بعد عن مقدار الافتتان الشفهي بالنص القرآني بعد أن رتله المؤمنـون )(436).

وقالت بوتر(437) :(عندما أكملت قراءة القرآن الكريم ، غمرني شعور بأن هذا هو الحق الذي يشتمل على الإجابات الشافية حول مسائل الخلق وغيرها ، وإنه يقدم لنا الأحداث بطريقة منطقية ، نجدها متناقضة مع بعضها في غيره من الكتب الدينية ، أما القرآن فيتحدث عنها في نسق رائع وأسلوب قاطع لا يدع مجالاً للشك بأن هذه هي الحقيقة ، وأن هذا الكلام هو من عند الله لا محالة )(438).

وقالت بوتر أيضا: (كيف استطاع محمد ( الرجل الأمي ، الذي نشأ في بيئة جاهلية أن يعرف معجزات الكون التي وصفها القرآن الكريم ،والتي لا يزال العلم الحديث حتى يومنا هذا يسعى لاكتشافها ؟ لابد إذن أن يكون هذا الكلام هو كلام الله عز وجل )(439).

قال بوكاي(440): (لقد قمت أولاً بدراسة القرآن الكريم ،وذلك دون أي فكر مسبق ، وبموضوعية تامة بحثاً عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث ،وكنت أعرف قبل هذه الدراسة ،وعن طريق الترجمات ،أن القرآن يذكر أنواعا كثيرة من الظاهرات الطبيعية، لكن معرفتي كانت وجيزة ،وبفضل الدراسة الواعية للنص العربي ، استطعت أن أحقق قائمة أدركت بعد الانتهاء منها ، أن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث ، وبنفس الموضوعية قمت بنفس الفحص على العهد القديم والأناجيل، أما بالنسبة للعـهد القديم فلم تكن هناك حاجة للذهاب إلى أبعد من الكتـاب الأول،أي سفر التكوين فقد وجدت مقولات لا يمكن التوفيق بينـها وبين أكثر معطيات العلم رسوخـاً في عصـرنا ، وأما بالنسبة للأناجيل ،فإننا نجد نص إنجيل متي يناقض بشكل جلي إنجيل لوقا،وأن هذا الأخير يقدم لنا صراحة أمراً لا يتفق مع المعارف الحديثة الخاصة بقدم الإنسان على الأرض)(441) .

وقال حتي(442) : (إن أسلوب القرآن مختلف عن غيره،ثم إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر ،ولا يمكن أن يقلد، وهذا في أساسه . هو إعجاز القرآن .. فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبرى)(443).

وقال أرنولد(444) :(.. (إننا) نجد حتى من بين المسيحيين مثل الفار (الإسباني) الذي عرف بتعصبه على الإسلام ،يقرر أن القرآن قد صيغ في مثل هذا الأسلوب البليغ الجميل ،حتى إن المسيحيين لم يسعهم إلا قراءته والإعجاب به)(445).

ولقد ألف الدكتور مراد هوفمان –سفير ألمانيا السابق بالرباط- كتاب (الإسلام كبديل)(446)، وفيه شهادات كثيرة على إعجاز القرآن وصدقه ، وصدق النبي ( وكمال التشريع.

إلى آخر تلك الشهادات الطويلة على صدق القرآن وإعجازه .
قارن بين هذا الكلام وكلام نصر أبو زيد عندما يقول: (إن إعجاز القرآن ليس إلا في تغلبه على الشعر وسجع الكهان ، ولكنه ليس معجزا في ذاته)(447)

ذكرت دراسة أمريكية أنه "بحلول عام 2070 سيصير عدد المسلمين حول العالم أكبر من عدد المسيحيين ويرجع ذلك إلى التغيرات الديموجرافية فى العالم".

ورأى القائمون على الدراسة التي نشرتها صحيفة "دى فيلت" الألمانية  أن وراء معدلات المواليد المرتفعة لدي المسلمين حسابات سياسية واستراتيجية يسعى المسلمون من خلالها إلي فرض سيطرتهم الكاملة وسيادتهم للعالم من خلال السكان, على ىحد قولها.

وفي الوقت الحالي، يعتنق نحو ثلث سكان العالم المسيحية ، يليها الإسلام بحوالي مليار ونصف مسلم ثم الهندوسية بحوالي 900 مليون نسمة.

وحسب الدراسة، لن يستمر هذا الترتيب طويلاً فقد قام باحثون سكانيون من معهد "بيو" المعروف في واشنطن علي مدار ستة أعوام بتجميع وتحليل الدراسات والإحصائيات السكانية ل234 دولة وإقليم حول العالم وأصدروا دراسة من 245 صفحة تتناول توقعات نمو أكبر خمس ديانات علي مستوي العالم وهي المسيحية والإسلام والبوذية والهندوسية واليهودية.

وأشارت الدراسة إلى أن هناك أسباب بيولوجية واجتماعية وسياسية تمنع المسيحية من النمو سريعاً بنفس القدر الذي تنمو "الأمة الإسلامية ".

مدير بحوث ودراسات الأديان بمعهد "بيو" الشهير في واشنطن "الان كوبرمان" يرجع سبب نمو الإسلام إلي معدلات الإنجاب العالية في المجتمعات الإسلامية حيث يصل متوسط المواليد للمرأة المسلمة إلي 3.1 طفلا لكل امرأة بينما المتوسط في المانيا مثلاً 1.3 طفلا فقط لكل امرأة.

ولكن لا تقتصر أسباب نمو الإسلام علي معدلات المواليد المرتفعة فقط بل هناك أسباب أخري مثل اعتناق الكثيرين الديانة الإسلامية.

الباحثون في معهد "بيو" يتوقعون المزيد من تحول المسيحيين إلي الإسلام وتزايد اتجاه المسيحيين للإلحاد .

اخبار ليل ونهار. بالفيديو.. فتاة مسيحية تعلن اسلامها: كنت امارس كل شيء قبل الاسلام

اشهرت فتاة مسيحية من الدنمارك اسلامها، بعد فترة من قراءتها للقرآن الكريم ودخولها المساجد، وكشفت الفتاة عن قصة حياتها قبل الاسلام.


انَّ الحمد لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
أمَّا بعد:
فإنَّ أصدقَ الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشر الأمور محدثَاتُها، وكلَّ محدثة بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لقد كَثُرت شكوى طلبة العلم من إشكاليَّةٍ في فهم الدلالات المختلفة للإيمان والإسلام، مع كثرة ورودهما وتعدُّد دلالتهما في الكتاب والسنة، فاحتاج الأمرُ لكشف اللثام عنهما، وقد كتب الإمامُ ابن تيميَّة في هذا الباب ما لا يدع لأحد بعده مَجالاً؛ فقد استقرأ دلالات الكتاب والسُّنة وأقوال السَّلف من الصَّحابة والتَّابعين ومن بعدهم حتى عصره، وكنتُ دائمًا أكتفي بإحالة طَلَبَة العلم على ما كتبه ابن تيميَّة في المجلد السابع من "مجموع الفتاوى": (كتابي: الإيمان، والإيمان الأوسط)، لكن ليس الأمر سهلاً كما كنت أظنُّ على كثير من طلبة العلم، وخاصَّة المبتدئين، فاحتاج الأمرُ لتلخيص ذلك، وترتيبه في أسلوب يسير غير مخلٍّ - إن شاء الله - بالمطلوب، فكانت هذه المقالة التي تدور على ثلاثة محاور:
1 - معنى الإيمان لغة وشرعًا.
2 - دلالات المعنى الشَّرعي: في حالة الإطلاق وفي حالة التقييد.
3 - رسم توضيحي يُلخِّص معنى الإيمان.
أولاً: معنى الإيمان لغةً:
"وأمَّا الإيمانُ، فأكثر أهل العلم يقولون: إنَّ الإيمان في اللغة: التصديق، ولكن في هذا نظر؛ لأن الكلمة إذا كانت بمعنى الكلمة، فإنَّها تتعدَّى بتعديتها، ومعلوم أنَّ التصديق يتعدَّى بنفسه، والإيمان لا يتعدى بنفسه، فنقول مثلاً: صدقته، ولا نقول: آمنته، بل نقول: آمنت به، أو آمنت له، فلا يُمكن أن نفسر فعلاً لازمًا لا يتعدَّى إلا بحرف الجر بفعل مُتعدٍّ ينصب المفعول به بنفسه، ثم لأنَّ كلمة (صدقت) لا تعطي معنى كلمة (آمنت)، فإنَّ (آمنت) تدُلُّ على طمأنينة بخبره أكثر من (صدقت)، ولهذا لو فسر الإيمان بالإقرار، لكان أجود، فنقول: الإيمان: الإقرار، ولا إقرار إلا بتصديق، فنقول: أقرَّ به كما نقول: آمن به، وأقرَّ له كما نقول: آمن له"[1].
يقول ابن تيمية - رحمه الله -: "ومما ينبغي أنْ يعلم أنَّ الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عُرِف تفسيرُها وما أريد بِهَا من جهة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم؛ ولهذا قال الفقهاء: "الأسماء ثلاثة أنواع":
نوع يعرف حدُّه بالشرع كالصلاة والزكاة.
ونوع يعرف حده باللغة كالشمس والقمر.
ونوع يُعرف حدُّه بالعُرف، كلفظ القبض، ولفظ المعروف في قوله: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]، ونحو ذلك.[2].
وقال - رحمه الله -:
"فالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد بيَّن المراد بهذه الألفاظ - اسم الإيمان والإسلام والنِّفاق والكفر - بيانًا لا يَحتاج معه إلى الاستدلال على ذلك بالاشتقاق وشواهد استعمال العرب، ونحو ذلك؛ فلهذا يجب الرجوع في مسميات هذه الأسماء إلى بيان الله ورسوله فإنه شافٍ كافٍ"[3].
ثانيًا: الإيمان شرعًا:
ينبغي التنبيه على أمرين أولاً قبل الشُّروع في بيان دلالات لفظ الإيمان:
1- أنَّ دلالات الألفاظ الشرعيَّة تعرف بتتبُّع مواردها في النُّصوص، ولا يؤخذ اللفظ على عمومه من بعض موارده التي جاء فيها مقيدًا بقيد أوجب اختصاصه بهذا المعنى.
2- أنَّ الألفاظَ تتنوَّع دلالاتها باعتبار إطلاق اللَّفظ أو تقييده، وباعتبار عمومه وخصوصه؛ بل وباعتبار اقترانه بغيره أو تجريده.

بيان دلالات لفظ الإيمان المختلفة:
يقول ابن تيمية - رحمه الله -:
"والمقصودُ هنا ذكر "أصل جامع" تنبني عليه معرفة النُّصوص، وردّ ما تنازع فيه الناس إلى الكتاب والسُّنة، فإن الناس كثر نزاعهم في مواضع في مسمى الإيمان والإسلام؛ لكثرة ذكرهما وكثرة كلام النَّاس فيهما، والاسم كلما كثر التكلُّم فيه، فتُكلم به مطلقًا ومقيدًا بقيد، ومقيدًا بقيد آخر في موضع آخر - كان هذا سببًا لاشتباه بعض معناه، ثم كلما كثر سماعه كثر من يشتبه عليه ذلك.
ومن أسباب ذلك أنْ يسمع بعض الناس بعض موارده ولا يسمع بعضه، ويكون ما سمعه مقيدًا بقيد أوجب اختصاصه بمعنى، فيظن معناه في سائر موارده كذلك؛ فمن اتَّبع علمه حتى عرف مواقع الاستعمال عامة، وعلم مأخذ الشبه - أعطى كل ذي حق حقه، وعلم أنَّ خير الكلام كلام الله، وأنَّه لا بيانَ أتم من بيانه"[4].
فإذا تتبعنا موارد لفظ الإيمان، وجدناه قد أتى على نوعين:
أ- تارة يذكر لفظ الإيمان مطلقًا؛ مثل: "لا يؤمنون، لا يؤمن، إنما المؤمنون، حبَّب إليكم الإيمان، أفلح المؤمنون، الإيمان بضع وسبعون شعبة...".
ب- وتارة يذكر مقيدًا؛ مثل قوله - تعالى -: ﴿ ... وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 61]، وكما قال إخوة يوسف لأبيهم: ﴿ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾ [يوسف: 17]، ﴿ فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ ﴾ [يونس: 83].
و لفظ الإيمان عند الإطلاق على قسمين:
الإيمان مجردًا غير مقرون.
الإيمان مقرونًا بغيره.
وإليك تفصيلَ ذلك:
الإيمان مجردًا غير مقرون:
المقصود بالتجريد: عدم مزاحمة معناه أو جزء معناه، فيُذكر الإيمان مجردًا غير مقترن بالإسلام أو العلم أو العمل الصالح.
ويكون معنى الإيمان عند تجريده: الدين كله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة؛ فيعم القول والعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح.
يقول ابن كثير - رحمه الله - في تفسير قوله - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3]:
"أما الإيمان في اللغة، فيطلق على التصديق المحض، وقد يستعمل في القرآن، والمراد به ذلك كما قال تعالى: ﴿ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 61]، وكما قال إخوة يوسف لأبيهم: ﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾ [يوسف: 17]، وكذلك إذا استعمل مقرونًا مع الأعمال، كقوله - تعالى -: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [الشعراء: 227].
فأمَّا إذا استعمل مطلقًا، فالإيمان الشَّرعي المطلوب لا يكون إلا اعتقادًا وقولاً وعملاً، هذا ما ذهب إليه أكثر الأئمة، بل قد حكاه الشَّافعي وأحمد بن حنبل وأبو عبيدة وغير واحد إجماعًا: أنَّ الإيمان قول وعمل يزيد وينقص".
ومن النُّصوص التي جاء فيها الإيمان مُجردًا غير مقرون:
في القرآن:
1- ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ [الحجرات: 7].
لفظ الإِيمَانِ لفظ مطلق عن القيود، مُجرد عن المزاحم، وهو دال على كمال الإيمان؛ لأنه في مقابل الكفر والفسوق والعصيان، فالإيمان هنا اسم جامع لكل ما يناقض الكفر والفسوق والعصيان من الطاعات إتيانًا وتركًا.
2- ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52].
لفظ الإِيمَانِ لفظ مطلق عن القيود، مُجرد عن المزاحم، دالٌّ على كمال الإيمان؛ لأنَّ معنى الإيمان في هذه الآية شرائع الإيمان ومعالمه؛ أي: تفاصيل الشرع.
3- ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].
لفظ الإِيمَانِ لفظ مُطلق عن القيود، مُجرد عن المزاحم، دال على كمال الإيمان؛ لأنَّ الأنصار سبقوا في الشرائع، وبناء المساجد، والجهر بشعائر الدِّين، ولم يسبقوا المهاجرين في أصل الإيمان.
1- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [التوبة: 23].
2- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ﴾ [غافر: 10].
في الآيتين لفظ الإِيمَانِ لفظ مطلق عن القيود، مُجرد عن المزاحم، دالٌّ على الظاهر والباطن، مقابل للكفر، وفي ذلك بيانُ أنَّ الكفر ظاهر وباطن كالإيمان، فهو نقيضه من كل وجه، والإيمان درجات والكفر دركات.
في السنة:
1 - ما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان))[5].
لفظ الإِيمَانِ لفظ مطلق عن القيود، مُجرد عن المزاحم، دالٌّ على كمال الإيمان؛ لأنه ورد في مقام بيان شُعَب الإيمان، وهو بمعنى الدين لتجرده، وهو مثل قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((إنَّ لكل دين خلقًا، وخُلق الإسلام الحياء))[6].
2 - عن أبي شريح - رضي الله عنه -: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -  قال: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن))، قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: ((الذي لا يأمن جاره بوائقه))[7].
لفظ الإِيمَانِ لفظ مطلق عن القيود، مُجرد عن المزاحم، دالٌّ على كمال الإيمان؛ لأنه في بيان واجب من الواجبات الشرعية، وليس في بيان حده الأدنى.
3 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه -  قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مُؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارَهم حين ينتهبها وهو مؤمن))[8].
لفظ الإِيمَانِ لفظ مطلق عن القيود، مُجرد عن المزاحم، دال على كمال الإيمان؛ لأنَّ الزاني والسارق لم يخرجا عن الإسلام بفعلهما، خلافًا لمذهب الخوارج.
"قال المحققون: إنَّ معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، هذا من الألفاظ التي تُطلق على نفي الشيء، والمراد نفي كماله، كما يقال: لا عِلْمَ إلا ما نفع، ولا مال إلا ما نِيل، ولا عيش إلا عيش الآخرة"[9].
4 - عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله))[10].
فالحبُّ والبغض باطن الإيمان، والموالاة والمعاداة ظاهر الإيمان، ولا ينفكُّ الظاهر عن الباطن[11]؛ لأنَّ الموالاة لا تكون إلا عن حب، والمعاداة لا تكون إلا عن بغض؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّه والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 81].
الإيمان مقرونًا بغيره:
1- الإيمان مقرونًا بالإسلام.
2- الإيمان مقرونًا بالعمل الصالح.
1- الإيمان مقرونًا بالإسلام:
في القرآن، مثل قوله - تعالى -:
1- ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 14].
جاءت لفظة الإيمان مقترنة بلفظة الإسلام في أسلوب نفي واستدراك؛ حيث نفى الله عنهم أن تكون حلاوة الإيمان باشرت قلوبهم، وإن كادت أن تباشرها، فـ (لما) تأذن باحتمال وقوع الفعل.
2- ﴿ فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِين ﴾ [الذاريات: 35-36].
جاءت لفظة الإيمان مُقترنة بلفظة الإسلام في سياق واحد، فاختلفت الدلالة بينهما، فامرأة لوط كانت في أهل البيت الموجودين، ولم تكن من المخرجين الذين نَجَوا، بل كانت من الغابرين الباقين في العذاب، وكانت في الظاهر مع زوجها على دينه، وفي الباطن مع قومها على دينهم، فهي لم تكن مُؤمنة، ولم تكن من الناجين المخرجين، فلم تدخل في قوله: ﴿ فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 35]، وكانت من أهل البيت المسلمين، وممن وجد فيه؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِين ﴾ [الذاريات: 36].
3- ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِين وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].
جاء لفظ الإيمان مقترنًا بلفظ الإسلام في سياق واحد، فدلت لفظة (المسلمين) على معنى غير لفظة (المؤمنين)، وكذلك (المسلمات) و(المؤمنات)، واختلفت الدلالة بينهما، وتفاوتت الدرجات، فكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنًا؛ لأنَّهما اشتركا في الخضوع لأحكام الإسلام الظاهرة، وارتقى المؤمن درجة بتمكُّن الإيمان من قلبه.
في السنة:
1- ما جاء عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -  قال: "بينما نحن عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -  ذات يوم، إذْ طَلَعَ علينا رجلٌ... وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الإسلامُ أن تشهدَ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً))، قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: ((أنْ تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))..." الحديث[12].
فأجاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الإسلام بالظاهر: "الشهادتين، الصلاة، الصيام، الزكاة، الحج"، وعن الإيمان بالباطن: "الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره".
2- "وكان النبي يقول في دعائه إذا صلى على الميت: ((اللهم من أحييته منَّا، فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منَّا، فتوفه على الإيمان))[13]؛ لأنَّ الأعمال بالجوارح إنَّما يتمكن منه في الحياة، فأمَّا عند الموت، فلا يبقى غير التصديق بالقلب"[14].
3- وفي حديث بريدة: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أنْ يقول قائلهم: ((السلام عليكم أهل الدِّيار من المؤمنين والمسلمين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون)).
اختلفت الدلالة بين لفظي (المؤمنين) و(المسلمين)؛ لتفاوتت الدرجات والمراتب.
2- الإيمان مقرونًا بالعمل الصالح:
والآيات في ذلك كثيرة منها قوله - تعالى -:
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 82].
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ [النساء: 57].
﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ ﴾ [النساء: 173].
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 9].
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴾ [الرعد: 29].
﴿ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ ﴾ [إبراهيم: 23].
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ﴾ [الكهف: 30].
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96].
﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ﴾ [الروم: 15].
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[النحل: 97].
﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْمًا وَلاَ هَضْمًا ﴾ [طه: 112].
﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾ [الأنبياء: 94].
﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى ﴾ [طه: 75].
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [العنكبوت: 58].
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [الأنهار: 12].
﴿ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﴾ [الطلاق: 11].
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ﴾ [البروج: 11].
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [يونس: 9].
"فإنَّكم إن تدبرتم القرآن - كما أمركم الله تعالى - علمتم أنَّ الله - تعالى - أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم بالله ورسوله العملَ، وأنه – تعالى - لم يُثن على المؤمنين بأنه قد رضي عنهم، وأنَّهم قد رضوا عنه، وأثابَهم على ذلك الدخول إلى الجنة والنجاة من النار - إلاَّ بالإيمان والعمل الصالح.
فقرن مع الإيمان العمل الصالح، ولم يدخلهم الجنَّة بالإيمان وحْدَه حتى ضم إليه العمل الصالح الذي وفَّقهم إليه، فصار الإيمان لا يتم لأحد حتى يكون مصدقًا بقلبه وناطقًا بلسانه وعاملاً بجوارحه"[15].
فـ "مثل الإسلام من الإيمان كمثل الشهادتين إحداهما من الأخرى في المعنى والحكم، فشهادة الرسول غير شهادة الوحدانية، فهما شيئان في الأعيان، وإحداهما مرتبطة بالأخرى في المعنى والحكم كشيء واحد.
كذلك الإيمان والإسلام أحدهما مرتبط بالآخر، فهما كشيء واحد، لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له؛ إذ لا يخلو المسلم من إيمان به يصح إسلامه، ولا يخلو المؤمن من إسلام به يحقق إيمانه، من حيث اشترطُ الله للأعمال الصالحة الإيمان، واشترط للإيمان الأعمال الصالحة، فقال في تحقيق ذلك: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ ﴾ [الأنبياء: 94]، وقال في تحقيق الإيمان بالعمل: ﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا ﴾ [طه: 75].
فمن كان ظاهره أعمالَ الإسلام ولا يرجع إلى عقود الإيمان بالغيب، فهو منافق نفاقًا ينقل عن الملَّة، ومن كان عقدُهُ الإيمان بالغَيْب، ولا يعمل بأحكام الإيمان وشرائع الإسلام، فهو كافر كفرًا لا يثبت معه توحيد.
وَمَثَلُ الإيمان في الأعمال كمثل القلب في الجسم، لا ينفك أحدهما عن الآخر، لا يكون ذو جسم حي لا قلبَ له، ولا ذو قلب بغير جسم، فهما شيئان مُنفردان، وهما في الحكم والمعنى مُتَّصلان[16].
ومَثَلُهُمَا أيضًا مَثَلُ حَبَّة لها ظاهر وباطن، وهى واحدة، لا يقال حبتان؛ لتفاوت صفتهما، فكذلك أعمال الإسلام من الإسلام هو ظاهر الإيمان، وهو من أعمال الجوارح، والإيمان باطن الإسلام، وهو من أعمال القلوب: ((الإسلام علانية والإيمان في القلب))[17]، فالإسلام أعمال الإيمان، والإيمان عقود الإسلام، فلا إيمانَ إلا بعمل ولا عملَ إلا بعقد.
فمثل العمل من الإيمان كمثل الشفتين من اللسان، لا يصح الكلام إلا بهما؛ لأنَّ الشفتين تجمع الحروف، واللسان يظهر الكلام، وفي سقوط أحدهما بطلان الكلام.
ومثل الإيمان والإسلام أيضًا: كفسطاط قائم في الأرض له ظاهر وأطناب، وله عمود في باطنه، فالفسطاط مثل الإسلام له أركان من أعمال العلانية والجوارح، وهو الأطناب التي تَمسك أرجاء الفسطاط، والعمود الذي في وسط الفسطاط مثله كالإيمان لا قِوام للفسطاط إلا به، فقد احتاج الفسطاط إليهما؛ إذ لا قِوام له ولا قوة إلا بهما، كذلك الإسلام في أعمال الجوارح لا قوام له إلا بالإيمان، والإيمان من أعمال القلوب لا نفع له إلا بالإسلام، وهو صالح الأعمال.
وأيضًا فإنَّّ الله قد جعل ضد الإسلام والإيمان واحدًا، فلولا أنَّهما كشيء واحد في الحكم والمعنى ما كان ضدهما واحدًا؛ فقال: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [آل عمران: 86]، وقال: ﴿ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 80]، فجعل ضدهما الكفر.
وعلى مثل هذا أخبر رسول الله عن الإيمان والإسلام عن صنف واحد؛ فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حديث ابن عمر- رضي الله عنها -: ((بني الإسلام على خمس))، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حديث ابن عباس عن وفد عبدالقيس أنَّهم سألوه عن الإيمان، فذكر هذه الأوصاف، فدَلَّ بذلك على أنه لا إيمان باطن إلا بإسلام ظاهر، ولا إسلام ظاهر علانية إلا بإيمان سر، وأن الإيمان والعمل قرينان لا ينفع أحدهما من دون صاحبه.[18]
"فقد جعل النبي الإسلام: اسمًا لما ظهر من الأعمال، وجعل الإيمان: اسمًا لما بطن من الاعتقاد، وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان، أو التصديق بالقلب ليس من الإسلام، بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد وجماعها الدين؛ ولذلك قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم)).
والتصديق والعمل يتناولهما اسم الإسلام والإيمان جميعًا، يدل عليه قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ ﴾ [آل عمران: 18]، وقوله - تعالى -: ﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، وقوله: ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، فبين أن الدين الذي رضيه ويقبله من عباده هو الإسلام، ولا يكون الدين في محل الرضى والقَبول إلا بانضمام التصديق إلى العمل"[19].
وتلخيص ذلك في رسم توضيحي:

أسأل الله أن أكون قد وفقت في محاولة تيسير المسألة وتقريبها، ولكن لا غنى عن الرجوع بعد ذلك لدراسة المسألة في كتب شيخ الإسلام - رحمه الله - وخاصة المجلد السابع من "مجموع الفتاوى"، يسر الله ذلك للجميع، اللهم آمين.
ـــــــــــــــــ
[1] "شرح العقيدة الواسطية"، لابن عثيمين، ص444.
[2] "مجموع الفتاوى"، 7/286.
[3] "مجموع الفتاوى"، 7/287، وما بين علامتي التنصيص من كلام ابن تيمية السابق لهذا النص.
[4] "كتاب الإيمان"، لابن تيمية، ص212.
[5] رواه مسلم، (51، الإيمان، باب، بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها).
[6] صحيح، صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم: 940 عن أنس بن مالك.
[7] رواه البخاري، (5557، الأدب، باب: إثم من لا يأمن جاره بوايقه).
[8] رواه البخاري، (2295، المظالم والغصب، باب: النُّهْبَى بغير إذن صاحبه).
[9] قاله الإمام النووي، نقلاً عن الحافظ في "الفتح"، (12/49).
[10] صحيح، صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم: 1728، عن أبي ذر الغفاري.
[11] يُستثنى من قاعدة التلازُم حالتان: الإكراه، "فإنَّه يُظهر الكُفر، وقلبه مطمئن بالإيمان"، والنفاق: "فإنه يظهر الإيمان ويبطن الكفر".
[12] رواه مسلم، (8، الإيمان، باب، بيان: الإيمان والإسلام والإحسان).
[13] صحيح، رواه الترمذي، (945، الجنائز عن رسول الله، باب: ما يقول في الصلاة على الميت).
[14] ابن رجب الحنبلي، "جامع العلوم والحكم"، ص70، طبعة دار ابن رجب.
[15] "الشريعة"، للآجري، 2/618.
[16] رأيتها في بعض النسخ منفصلان، وهو تصحيف يعكس المعنى.
[17] إسناده ضعيف، أخرجه أحمد (3/134)، وأبو يعلى (2923)، والعقيلي "في الضعفاء" (3/ 250)، وفي إسناده علي بن مسعدة مختلف فيه والراجح ضعفه.
[18] "كتاب الإيمان لابن تيمية"، ص197، ص 199 من كلام أبي طالب المكي (باختصار).
[19] "كتاب الإيمان لابن تيمية"، ص213 من كلام البغوي في شرح السنة.

تأملات إيمانية

[تأملات إيمانية][fbig1]

دروس ومحاضرات

[دروس ومحاضرات][slider2]

يتم التشغيل بواسطة Blogger.