Halloween party ideas 2015

 
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قال ابن القيم رحمه الله في شرح وصية نبي الله يحيى بن زكريا عليهما السلام وقوله فيها: " وآمركم بالصلاة، فإذا صليتم، فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت " (رواه البخاري).

الالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان:
أحدهما: التفات القلب عن الله عز وجل إلى غير الله تعالى.
الثاني: التفات البصر، وكلاهما منهي عنه، ولا يزال الله مقبلاً على عبده ما دام العبد مقبلاً على صلاته، فإذا التفت بقلبه أو بصره، أعرض الله تعالى عنه، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في صلاته فقال: " اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد " (رواه البخاري).

وفي الأثر: يقول الله تعالى: " إلى خير مني، إلى خير مني ؟" ومثّل من يلتفت في صلاته ببصره أو بقلبه، مثل رجل قد استدعاه السلطان، فأوقفه بين يديه، وأقبل يناديه ويخاطبه، وهو في خلال ذلك يلتفت عن السلطان يميناً وشمالاً، وقد انصرف قلبه عن السلطان، فلا يفهم ما يخاطبه به، لأن قلبه ليس حاضراً معه، فما ظن هذا الرجل أن يفعل به السلطان، أفليس أقل المراتب في حقه أن ينصرف من بين يديه ممقوتاً مبعداً قد سقط من عينيه؟ فهذا المصلي لا يستوي والحاضر القلب المقبل على وجه الله تعالى في صلاته الذي قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه، فامتلأ قلبه من هيبته، وذلت عنقه له، واستحيى من ربه تعالى أن يقبل على غيره. 


أو يلتفت عنه، وبين صلاتيهما كما قال حسان بن عطية : إن الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة، وإن ما بينهما في الفضل كما بين السماء والأرض، وذلك أن أحدهما مقبل بقلبه على الله عز وجل والآخر ساهٍ غافل.

فإذا أقبل العبد على مخلوق مثله، وبينه وبينه حجاب، لم يكن إقبالاً ولا تقريباً، فما الظن بالخالق عز وجل؟ وإذا أقبل على الخالق عز وجل وبينه وبينه حجاب الشهوات والوساوس، والنفس مشغوفة بها، ملأى منها، فكيف يكون ذلك إقبالاً وقد ألهته الوساوس والأفكار، وذهبت به كل مذهب؟.

والعبد إذا قام في الصلاة غار الشيطان منه، فإنه قد قام في أعظم مقام، وأقربه وأغيظه للشيطان، وأشده عليه، فهو يحرص ويجتهد كل الاجتهاد أن لا يقيمه فيه، بل لا يزال به يعده ويمنِّيه وينسيه، ويجلب عليه بخيله ورجله حتى يهوِّن عليه شأن الصلاة، فيتهاون بها فيتركها. فإن عجز عن ذلك منه، وعصاه العبد، وقام في ذلك المقام، أقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينه وبين نفسه، ويحول بينه وبين قلبه، فيذكِّره في الصلاة ما لم يكن يذكر قبل دخوله فيها، حتى ربما كان قد نسي الشيء والحاجة، وأيس منها، فيذكره إياها في الصلاة ليشغل قلبه بها، ويأخذه عن الله عز وجل، فيقوم فيها بلا قلب، فلا ينال من إقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما يناله المقبل على ربه عز وجل الحاضر بقلبه في صلاته، فينصرف من صلاته مثل ما دخل فيها بخطاياه وذنوبه وأثقاله، لم تخفف عنه بالصلاة، فإن الصلاة إنما تكفر سيئات من أدى حقها، وأكمل خشوعها، ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقالبه.

فهذا إذا انصرف منها وجد خفة من نفسه، وأحس بأثقال قد وضعت عنه، فوجد نشاطاً وراحة وروحاً، حتى يتمنى أنه لم يكن خرج منها، لأنها قرة عينه ونعيم روحه، وجنة قلبه، ومستراحه في الدنيا، فلا يزال كأنه في سجن وضيق حتى يدخل فيها، فنستريح بها، لا منها، فالمحبون يقولون: نصلي فنستريح بصلاتنا، كما قال إمامهم وقدوتهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم: " يا بلال أرحنا بالصلاة " (رواه أحمد وصححه الألباني). ولم يقل: أرحنا منها.

وقال صلى الله عليه وسلم: " وجُعلت قرة عيني في الصلاة " (رواه أحمد وصححه الألباني). فمن جعلت قرة عينه في الصلاة، كيف تقر عينه بدونها، وكيف يطيق الصبر عنها؟ فصلاة هذا الحاضر بقلبه الذي عينه في الصلاة، هي التي تصعد ولها نور وبرهان، حتى يستقبل بها الرحمن عز وجل، فتقول: ( حفظك الله كما حفظتني )، وأما صلاة المفرط المضيع لحقوقها وحدودها وخشوعها، فإنها تلفِّ كما يلف الثوبُ الخلق، ويضرب بها وجه صاحبها وتقول: ( ضيعك الله كما ضيعتني ).

وقد روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ( ما من مؤمن يتم الوضوء إلى أماكنه، ثم يقوم إلى الصلاة في وقتها فيؤديها لله عز وجل لم ينقص من وقتها، وركوعها وسجودها ومعالمها يستضيء بنورها ما بين الخافقين حتى ينتهى بها إلى الرحمن عز وجل، ومن قام إلى الصلاة فلم يكمل وضوءها وأخرها عن وقتها، واسترق ركوعها وسجودها ومعالمها، رفعت عنه سوداء مظلمة، ثم لا تجاوز شعر رأسه تقول: ضيعك الله كما ضيعتني، ضيعك الله كما ضيعتني ) (والحديث ضعيف).

فالصلاة المقبولة، والعمل المقبول أن يصلي العبد صلاة تليق بربه عز وجل، فإذا كانت صلاة تصلح لربه تبارك وتعالى وتليق به، كانت مقبولة.

والمقبول من العمل قسمان:

أحدهما: أن يصلي العبد ويعمل سائر الطاعات وقلبه متعلق بالله عز وجل، ذاكر لله عز وجل على الدوام، فأعمال هذا العبد تُعرض على الله عز وجل حتى تقف قبالته، فينظر الله عز وجل إليها، فإذا نظر إليها رآها خالصة لوجهه مرضية، وقد صدرت عن قلب سليم مخلص محب لله عز وجل متقرب إليه، أحبها ورضيها وقَبلهَا.

والقسم الثاني: أن يعمل العبد الأعمال على العادة والغفلة، وينوي بها الطاعة والتقرب إلى الله، فأركانه مشغولة بالطاعة، وقلبه لاه عن ذكر الله، وكذلك سائر أعماله، فإذا رفعت أعمال هذا إلى الله عز وجل، لم تقف تجاهه، ولا يقع نظره عليها، ولكن توضع حيث توضع دواوين الأعمال، حتى تعرض عليه يوم القيامة فتميز، فيثيبه على ما كان له منها، ويرد عليه ما لم يرد وجهه به منها. فهذا قبوله لهذا العمل: إثابته عليه بمخلوق من مخلوقاته من القصور والأكل والشرب والحور العين.


وإثابة الأول رضى العمل لنفسه، ورضاه عن معاملة عامله، وتقريبه منه، وإعلاء درجته ومنزلته، فهذا يعطيه بغير حساب، فهذا لون، والأول لون.

والناس في الصلاة على مراتب خمسة:
أحدها: مرتبة الظالم لنفسه المفرط، وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها.

الثاني: من يحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها، لكنه قد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة، فذهب مع الوساوس والأفكار.

الثالث: من حافظ على حدودها وأركانها وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار، فهو مشغول بمجاهدة عدوه لئلا يسرق صلاته، فهو في صلاة وجهاد.

الرابع: من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها لئلا يضيع شيئاً منها، بل همه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي وإكمالها وإتمامها، قد استغرق قلبه شأن الصلاة وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها.

الخامس: من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك، ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز وجل، ناظراً بقلبه إليه، مراقباً له، ممتلئاً من محبته وعظمته، كأنه يراه ويشاهده، وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات، وارتفعت حجبها بينه وبين ربه، فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أفضل وأعظم مما بين السماء والأرض، وهذا في صلاته مشغول بربه عز وجل قرير العين به.

فالقسم الأول معاقب، والثاني محاسب، والثالث مكفَّر عنه، والرابع مثاب، والخامس مقرب من ربه، لأن له نصيباً ممن جعلت قرة عينه في الصلاة، فمن قرت عينه بصلاته في الدنيا، قرت عينه بقربه من ربه عز وجل في الآخرة، وقرت عينه أيضاً به في الدنيا، ومن قرت عينه بالله قرت به كل عين، ومن لم تقر عينه بالله تعالى تقطعت نفسه على الدنيا حسرات.

وقد روي أن العبد إذا قام يصلي قال الله عز وجل: ( ارفعوا الحجب بيني وبين عبدي )، فإذا التفت قال: ( أرخوها )، وقد فسر هذا الالتفات بالتفات القلب عن الله عز وجل إلى غيره، فإذا التفت إلى غيره، أرخى الحجاب بينه وبين العبد، فدخل الشيطان، وعرض عليه أمور الدنيا، وأراه إياها في صورة المرآة وإذا أقبل بقلبه على الله ولم يلتفت، لم يقدر على أن يتوسط بين الله تعالى وبين ذلك القلب، وإنما يدخل الشيطان إذا وقع الحجاب، فإن فرَّ إلى الله تعالى وأحضر قلبه فرَّ الشيطان، فإن التفت حضر الشيطان، فهو هكذا شأنه وشأن عدوه في الصلاة.

وإنما يقوى العبد على حضوره في الصلاة واشتغاله فيها بربه عز وجل إذا قهر شهوته وهواه، وإلا فقلب قد قهرته الشهوة، وأسره الهوى، ووجد الشيطان فيه مقعداً تمكن فيه كيف يخلص من الوساوس والأفكار؟! اهـ.

والقلوب ثلاثة:
قلب خالٍ: من الإيمان وجميع الخير، فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه، لأنه قد اتخذه بيتاً ووطناً، وتحكم فيه بما يريد، وتمكن منه غاية التمكن.

القلب الثاني: قلب قد استنار بنور الإيمان، وأوقد فيه مصباحه، لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الأهوية، فللشيطان هناك إقبال وإدبار ومجالات ومطامع، فالحرب دول وسجال.
وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة، فمنهم من أوقات غلبته لعدوه أكثر، ومنهم من أوقات غلبة عدوه له أكثر، ومنهم من هو تارة وتارة.

القلب الثالت: قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان وانقشعت عنه حجب الشهوات، وأقلعت عنه تلك الظلمات، فلنوره في قلبه إشراق، ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس احترق به، فهو كالسماء التي حرست بالنجوم، فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم.


نسأل الله أن يرزقنا الإقبال عليه وأن يعيذنا من الالتفات عنه سبحانه، والحمد لله رب العالمين.

يعرّف الوضوء في الإسلام بأنّه الطّهارة عن طريق غسل ومسح الأعضاء، وهو من أوّل شروط الصّلاة، وسُمّي بذلك لأنّه يُضفي على الأعضاء وضاءةً وطهوراً، وتحدّث القرآن الكريم عنه، وتطرّقت إليه السنّة النبويّة في عدّة أحاديثٍ شريفة.

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا تقبل صلاةٌ من أحدث حتّى يتوضّأ). صحيح البخاري .

أهميّة الوضوء

يعدّ الوضوء علامةً للطهارة، ولا تقبل الصّلاة من دونه.

اكتشف العلم الحديث عدّة فوائدٍ للوضوء؛ حيث تبيّن أنّ إتقانه يعطي الإنسان طاقةً إيجابيّةً كبيرةً جدّاً، وذلك من خلال الماء الّذي يحمل في ذرّاته الطّاقة، فيعيد التّوازن الحيويّ، ويصلح أيّ خللٍ موجود في الإنسان.

يقلّل الوضوء من تأثير الأشعّة فوق البنفسجيّة المنبعثة من الشّمس، والتي تسبّب سرطان الجلد؛ وذلك لأنّ ماء الوضوء يرطّب الجلد؛ ومن ذلك يتبيّن لنا أنّ الله تعالى فرض الوضوء لما فيه من فوائد؛ حيث إنّه يحمي أجسادنا من الآثار السلبيّة للتقدّم التكنولوجيّ، والتلوّث البيئيّ، والمجالات الكهربائيّة والمغناطيسيّة جميعها.

اركان الوضوء

قال الله تعالى في سورة المائدة: ﴿ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون).

إذن ما تتحدث عنه الآية هو ست فرائض للوضوء؛ النية، وغسل الوجه، وغسل اليدين إلى المرافق، ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين. أما ثبوت أن النية في الضوء فرض من فرائض الوضوء هو ابتداء الله سبحانه وتعالى الآية بـ: “إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا…..” وهذا يعني أن الوضوء مأمور به للصلاة وبالتالي هذا معناه وجوب النية، حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى………” متفق عليه، أي أن لكل عمل يقوم به الشخص يجب أن يحدد له النية، فلا تكون الأعمال شرعية يتعلق بها ثواب أو عقاب إلا بالنية.

1- النية: ومعناها في اللغة القصد والعزم على فعل الشيء. أما شرعا فمعناها قصد الشيء مقترنا بفعله. وحكمها الوجوب، ومحلها في القلب، والمقصود بها تمييز العبادة عن العادة. وترتيبها في الوضوء هو الأول، حيث إذا نسي المتوضئ النية أو تذكرها بعد الشروع بالوضوء تجب عليه النية وإعادة الوضوء. وتكون صيغتها بقصد الطهارة للصلاة، أو أداء فرض الوضوء .

2- غسل الوجه: ويتم فرض غسل الوجه بالغسل ابتداء بحدود الوجه من منابت الشعر عند الجبهة إلى تحت الذقن ومن منابت الشعر عند الأذنين وشحمة الأذن اليمنى حتى شحمة الأذن اليسرى، مرورا بالحاجبين والعينين والأنف والشفاه والشاربين، ومن كان له لحية خفيفة وجب عليه غسلها أيضا لاعتبارها من الوجه، أما من كانت لحيته طويلة وكثيفة فيكتفي بغسل ما ظهر منها فقط، ويستحب تخليل اللحية بالأصابع من الأسفل. ويكون غسل الوجه بوضع الماء داخل الكفين وسكبه على الوجه مع التدليك من أعلى الوجه لأسفله. كما يفضل من باب إسباغ الوضوء أن يتم إيصال الماء إلى الرقبة.

3- غسل اليدين مع المرافق: ويكون بالبدء بغسل اليد اليمنى من الأصابع حتى الكف والساعد انتهاء بالكوع ويفضل أن يصل الماء حتى العضد، ثم الإنتهاء بغسل اليد اليسرى كما ذكرنا تماما في غسل اليد اليمنى.

-

4- مسح الرأس: ويكون بمسح بعض الرأس وليس كله، ودليل ذلك قوله تعالى في الآية الكريمة: “وامسحوا برؤوسكم”، حيث تعتبر الباء هنا باء التبعيض (يعني البعض وليس الكل). والأصل أن يتم المسح بإمرار اليد المبتلة على الرأس من منابت الشعر عند ناصية الشخص (فوق جبهته) وجانبي الجبين وجانبي الرأس انتهاء بآخر الرأس. لكن بما أن الباء هنا للتبعيض (على المذهب الشافعي) فإن المسح يتحقق بمسح بضع شعرات من الرأس أو مسح الرأس كله أو غسله كله، سواء كان على الرأس شعر أم لا (أي أن من يعانون من الصلع يتحقق لديهم فرض المسح على الرأس بمسح بشرة الرأس). ويفضل مسح الرأس كاملا من باب إسباغ الوضوء.

5- غسل الرجلين: ويتم ذلك بغسل القدم اليمنى أولا ابتداء من أصابع القدمين حتى الكعبين، ويكون ذلك بسكب الماء الطاهر على الأصابع مع التدليك والتخليل بينهم انتهاء بتدليك الكعب بشقوقه، ثم الإنتهاء بغسل القدم اليسرى تماما كما في غسل القدم اليمنى. ويفضل إيصال الماء إلى الساقين، وذلك من باب إسباغ الوضوء.

6- الترتيب والموالاة: أي القيام بفرائض الوضوء كما تم ذكرها بالآية الكريمة، أي بنفس الترتيب، وبشكل متتابع وبدون أي فترة فاصلة بين فرض وآخر.

كيفيّة الوضوء الصّحيح

قال الله تعالى في سورة المائدة: ﴿ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون).

من هذه الآية الكريمة يتبيّن لنا أنّ هناك عدّة خطوات يجب على المسلم أن يقوم بها عند الوضوء، وهي مرتّبة كالآتي:

عندما يريد أن يتوضّأ عليه أن ينوي بقلبه الوضوء، ثمّ يقول: بسم الله .
يقوم بغسل كفّيه ثلاث مرّات.
يتمضمض ثلاث مرّاتٍ أيضاً، وذلك عن طريق وضع الماء في فمه ثمّ إخراجه.
يستنشق ثلاث مرّات، وهو يجذب الماء عن طريق النّفس إلى الأنف ثمّ يستنثر الماء، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (وبالغ في الاستنشاق إلّا أن تكون صائما).
يغسل الوجه كاملاً ثلاث مرّات، وحدود الوجه هي: منابت شعر الرّأس إلى آخر الذّقن، ومن الأذن إلى الأذن الأخرى، وإن كان بالوجه شعرٌ أو لحيةٌ خفيفة وجب غسلها وما تحتها من البشرة، وإن كان الشّعر كثيفاً وجب غسل ظاهره.
يغسل اليدين إلى المرافق ثلاث مرّات ويبدأ باليمين أوّلا.
يمسح رأسه مرّةً واحدة.
يمسح أذنيه مرّةً واحدة.
يغسل الرّجلين إلى الكعبين، مع تخليل المياه بين الأصابع .
بعد أن ينتهي من الوضوء عليه أن يقول: ( أشهد أنّ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له واشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، اللهمّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين).

شرح التيمم

التيمم الصحيح مثل ما قال الله عز وجل: (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا) . سورة النساء ، فالمشروع: ضربة واحدة للوجه والكفين.

وصفة ذلك: أنه يضرب التراب بيديه ضربة واحدة، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، كما في الصحيحين، أن النبي قال لعمار بن ياسر رضي الله عنه: “إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا” ثم ضرب بيديه الأرض، ومسح بهما وجهه وكفيه.

فيديو .. الطريقة الصحيحة للوضوء والتيمم

ينبغي لمن دخل في الصلاة أن يحضر قلبه وفكره فيها وفي تدبر ما يقرأ، لقوله تعالى: (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون) [المؤمنون: 1-2]

وقوله تعالى: (وقوموا لله قانتين) [البقرة: 238].

أي: خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه. قال صلى الله عليه وسلم: «إن في الصلاة لشغلا» متفق عليه.

وإنما للمرء من صلاته ما عقل منها، فإذا اشتغل فكره بأمور الدنيا وأحاديث النفس نقص من أجر الصلاة بقدر ذلك، فقد روى أبو داود في سننه عن عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها، حتى قال: إلا عشرها» وقال ابن عباس: (ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها) والتفكر في أمور الدنيا وشواغلها أو بأي أمر خارج الصلاة لا يكون إلا من الغفلة، وهل تبطل الصلاة بذلك وتجب الإعادة؟ في ذلك تفصيل لأهل العلم:

فإن كانت الغفلة في الصلاة أقل من الحضور والغالب الحضور لم تجب الإعادة، وإن كان الثواب ناقصاً.

-

وأما إن غلبت الغفلة والتفكر في أمور الدنيا على حضور القلب فلأهل العلم قولان: أحدهما: لا تصح الصلاة في الباطن وإن صحت في الظاهر، لأن مقصود الصلاة لم يحصل فهو شبيه بصلاة المرائي فإنه بالاتفاق لا يبرأ بها في الباطن، وإليه ذهب الغزالي رحمه الله.

الثاني: تبرأ الذمة فلا تجب عليه الإعادة وإن كان لا أجر له فيها ولا ثواب، فهو بمنزلة الصائم الذي لم يدع قول الزور والعمل به فليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة، وهو الصحيح -إن شاء الله- فإن النصوص والآثار دلت على أن الأجر والثواب مشروط بالحضور، ولا تدل على وجوب الإعادة لا باطنا ولا ظاهراً.

ويمكن بسهولة علاج السرحان في الصلاة من خلال بعض الامور بالتدريج اثناء الصلاة ، يشرحها الداعية الاسلامي الشاب ماجد زكي .

فيديو .. افضل طريقة لعلاج السرحان في الصلاة

قيام الليل سبيل المحبين، ووطن المجتهدين، مَن تمسَّك بقيام الليل فقد وصل لمرحلة الأتقياء، ووصل لدرجة الصابرين، مَن تلذذ به فقد امتلك مقاليد الحكم الإنساني، واستردَّ عافية القلب المريض، قيام الليل ليس صلاة تتكوَّن من ركوع وسجود، بل إنها صلاة القلوب والعقول، صلاة ليست أقوالاً وأفعالاً فقط، بل إنها صلاةٌ تُخَاطِب الأقوال والأفعال من قلبٍ لا يدَّعِي أنه يتنفَّل رغبةً في ثواب وأجرٍ، ليصل إلى منزلة عالية في جنة الرب الخالدة، القلب هنا يخاطب الأقوال والأفعال؛ ليكون سائرًا في جنة الآخرة وهو على أرض الدنيا، ويصل إلى رؤية الكريم المتعال بعد الانتقال من أرض الدنيا إلى أرض الآخرة، هذه الصلاة إن لم تكن سبيلاً للترقي إلى سماء الخلد، فقد ضاعت سبل السلامة المؤدِّية إلى أرض الحقيقة.
وحتى نستطيع قيام الليل علينا بأربعة أمور ظاهرة وباطنة:
"فأما الأمور الظاهرة:
فالأول: ألاَّ يكثر الأكل، فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام، كان بعض الشيوخ يقف على المائدة كل ليلة، ويقول: معاشر المريدين، لا تأكلوا كثيرًا، فتشربوا كثيرًا، فترقدوا كثيرًا، فتتحسروا عند الموت كثيرًا، وهذا هو الأصل الكبير، وهو تخفيف المَعِدَة عن ثقل الطعام.

الثاني: ألاَّ يُتعِب نفسه بالنهار في الأعمال التي تعيا بها الجوارح، وتضعف بها الأعصاب، فإن ذلك أيضًا مجلبة للنوم.

الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار، فإنها سنة؛ للاستعانة على قيام الليل.

الرابع: ألا يحتقب الأوزار بالنهار؛ فإن ذلك ممَّا يقسِّي القلب، ويَحُول بينه وبين أسباب الرحمة، قال رجل للحسن: يا أبا سعيد، إني أبيتُ معافًى، وأحب قيام الليل، وأعد طهوري، فما بالي لا أقوم؟ فقال: ذنوبك قيَّدتك، وكان الحسن - رحمه الله - إذا دخل السوق فسمع لغطهم ولغوهم، يقول: أظن أن ليل هؤلاء ليل سوء، فإنهم لا يقيلون.

وقال بعض العلماء:
إذا صُمْتَ يا مسكين، فانظر عند مَن تفطر، وعلى أي شيء تفطر، فإن العبد ليأكل أكلة، فينقلب قلبه عمَّا كان عليه، ولا يعود إلى حالته الأولى؛ فالذنوب كلها تُورِث قساوة القلب، وتمنع من قيام الليل، وأخصها بالتأثير تناولُ الحرام، وتؤثر اللقمة الحلال في تصفية القلب وتحريكه إلى الخير، ما لا يؤثر غيرها، ويعرف ذلك أهل المراقبة للقلوب بالتجربة بعد شهادة الشرع له؛ ولذلك قال بعضهم: كم من أكلة منعت قيام ليلة، وكم من نظرة منعت قراءة سورة! وإن العبد ليأكل أكلة أو يفعل فعلة فيُحرَم بها قيام سنة.

وأما الميسِّرات الباطنة، فأربعة أمور:
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع، وعن فضول هموم الدنيا، فالمستغرق الهم بتدبير الدنيا، لا يتيسر له القيام، وإن قام فلا يتفكر في صلاته إلا في مهماته، ولا يجول إلا في وساوسه، وفي مثل ذلك يقال:
يخبرني البوَّابُ أنك نائم
وأنتَ إذا استيقظتَ أيضًا فنائم
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل، فإنه إذا تفكر في أهوال الآخرة ودركات جهنم، طار نومه وعظم حذره؛ كما قال طاوس: إن ذكرَ جهنَّم طيَّر نوم العابدين، وكما حكي أن غلامًا بالبصرة اسمه صهيب، كان يقوم الليل كله، فقالت له سيدته: إن قيامك بالليل يضر بعملك بالنهار، فقال: إن صهيبًا إذا ذكر النار لا يأتيه النوم، وقيل لغلام آخر، وهو يقوم كل الليل، فقال: إذا ذكرت النار اشتد خوفي، وإذا ذكرت الجنة اشتد شوقي، فلا أقدر أن أنام.

الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل بسماع الآيات والأخبار والآثار، حتى يستحكم به رجاؤه وشوقه إلى ثوابه، فيهيجه الشوق لطلب المزيد، والرغبة في درجات الجنان؛ كما حكي أن بعض الصالحين رجع من غزوته فمهَّدت امرأتُه فراشَها وجلست تنتظره، فدخل المسجد ولم يزل يصلي حتى أصبح، فقالت له زوجته: كنا ننتظرك مدة، فلما قدمت صليت إلى الصبح؟ قال: والله إني كنت أتفكر في حوراء من حور الجنة طول الليل، فنسيت الزوجة والمنزل، فقمت طول ليلتي شوقًا إليها.

الرابع: وهو أشرف البواعث؛ الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناجٍ ربه، وهو مطلع عليه مع مشاهدة ما يخطر بقلبه، وأن تلك الخطرات من الله -تعالى- خطاب معه، فإذا أحب الله -تعالى- أحب لا محالة الخلوة به، وتلذَّذ بالمناجاة، فتحمله لذة المناجاة بالحبيب على طول القيام، ولا ينبغي أن يستبعد هذه اللذة؛ إذ يشهد لها العقل والنقل، فأما العقل، فليعتبر حال المحب لشخص بسبب جماله، أو الملك بسبب إنعامه وأمواله، أنه كيف يتلذَّذ به في الخلوة ومناجاته، حتى لا يأتيه النوم طول ليله.

فإن قلت: إن الجميل يتلذَّذ بالنظر إليه وإن الله - تعالى - لا يرى؟ فاعلم أنه لو كان الجميل المحبوب وراء ستر، أو كان في بيت مظلم، لكان المحب يتلذَّذ بمجاورته المجردة دون النظر ودون الطمع في أمر آخر سواه، وكان يتنعم بإظهار حبه عليه، وذكره بلسانه بمسمع منه، وإن كان ذلك أيضًا معلومًا عنده.

فإن قلت: إنه ينتظر جوابه، فليتلذَّذ بسماع جوابه وليس يسمع كلام الله - تعالى؟ فاعلم أنه إن كان يعلم أنه لا يجيبه ويسكت عنه، فقد بقيت له أيضًا لذَّة في عرض أحواله عليه، ورفع سريرته إليه، كيف والموقن يسمع من الله - تعالى - كل ما يَرِدُ على خاطره في أثناء مناجاته فيتلذذ به؟! وكذا الذي يخلو بالملك، ويعرض عليه حاجاته في جنح الليل، يتلذَّذ به في رجاء إنعامه، والرجاء في حق الله - تعالى - أصدق، وما عند الله خير وأبقى، وأنفع مما عند غيره، فكيف لا يتلذَّذ بعرض الحاجات عليه في الخلوات؟"[1].

علاقة قيام الليل بالنصر:
قيام الليل بداية النصر، النصر على الأعداء، ومنهم بنو صهيون، فهي تربِّي القلوب والعقول؛ ولذلك تجعل الإنسان صاحب سلطة على النفس، ومَن يمتلك نفسه فقد انتصر عليها، وإن انتصر الإنسان على نفسه، فهو بالتالي قادر على النصر على عدوه، ومن هذا المنطلق فإن قيام الليل بداية النصر على الأعداء، الإنسان الذي يتحدَّى شهوة النوم التي تغلب كل البشر، وينتصر عليها؛ ليقوم مناجيًا ربه بلا جزع أو فزع، فهو صاحب قوة، لا يمكن مضاهاتها أينما وجد، هذا الإنسان لن يكون ضعيف القلب حيران، وإن كان كذلك، فلا مجال للهزيمة أمام أناس لا يمتلكون قلوبهم، بل قلوبهم تتملكهم، وعليه فإن مواجهتهم سهلة المنال، لن يكون فيها خوف أو جبن، وسيكون النصر - بإذن الله تعالى - واقعًا.

الإنسان الذي يتغلَّب على شهوة الفرج، ويترك زوجته على فراش الزوجية، ويناديه الفراش، ويقول: كيف تترك زوجتك هكذا، ولا تتمتع بها في هذا الوقت؟ ليصلي ركعات يُرضِي ربه، فهو قادر على مواجهة العدو بكل قوته المادية والمعنوية، ومغرياته الدنيوية، هذا الإنسان قادر على تتبع بؤر العدو والقضاء عليها.

الإنسان الذي يستطيع التغلُّب على ضعف بدنه، بسبب عمله بالنهار، ويقوم للصلاة في الليل، فهو مستعدٌّ للتغلُّب على العدو، ولو كان ضعيف البدن بسبب قوة العدو عدة وعتادًا حين القتال.

الإنسان الذي يتغلب على برودة الليل، ويقوم مناجيًا ربه، فهو قادر على النصر على مَن تسوِّل له نفسه ضرب الدين والوطن، كما هو معهود على الصهاينة الذين يحاولون ضرب الإسلام والوطن للقضاء عليهما.

وعلى كل ذلك، فإن قيام الليل مدرسةٌ لمَن يُرِيد تعلُّم مواجهة العدو بكل مؤامراته، قيام الليل أرضٌ خصبة لتربية الرجال، قيام الليل سبيل مهم للنصر على الأعداء، وكما قيل: إن القادة في الحروب إذا مرُّوا على الجنود ورأوهم يقيمون الليل، يقولون: من هنا يأتي النصر، وإذا وجدوا الجنود نائمين ولاهين يقولون: من هنا تأتي الهزيمة.

ثواب قيام الليل:
لقيام الليل ثواب عظيم، لا يعلمه إلا الله - تعالى - هذا الثواب ليس فقط النصر على الأعداء، بل هناك ثواب آخر، ولن أجد أفضل من الأخبار الواردة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - للحديث عن هذا الثواب:
في الصحيح عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن من الليل ساعة لا يُوَافِقها عبد مسلم يسأل الله - تعالى - خيرًا إلا أعطاه إياه))، وفي رواية: ((يسأل الله - تعالى - خيرًا من الدنيا والآخرة، وذلك في كل ليلة)).

قال المُغِيرة بن شُعْبة: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تفطَّرت قدماه، فقيل له: "أما قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخَّر؟"، فقال: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا))، ويظهر من معناه أن ذلك كناية عن زيادة الرتبة، فإن الشكر سبب المزيد؛ قال - تعالى -: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7].

قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من امرئ تكون له صلاة بالليل فيَغْلبه عليها النوم إلا كتب له أجرُ صلاته، وكان نومه صدقةً عليه)).

قال - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر - رضي الله عنه -: ((لو أردت سفرًا أعددت له عدة؟))، قال: نعم، قال: ((فكيف سفر طريق القيامة؟ ألا أنبئك يا أبا ذر بما ينفعك ذلك اليوم؟))، قال: بلى، بأبي أنت وأمي، قال: ((صم يومًا شديد الحر ليوم النشور، وصلِّ ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور، وحُجَّ حجة لعظائم الأمور، وتصدَّق بصدقة على مسكين، أو كلمة حتى تقولها أو كلمة شر تسكت عنها)).

يروى أن جبريل - عليه السلام - قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: نِعْمَ الرجل ابن عمر لو كان يصلِّي بالليل، فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فكان يداوم بعده على قيام الليل، قال نافع: كان يصلي بالليل، ثم يقول: يا نافع، أسحرنا؟ فأقول: لا، فيقوم لصلاته، ثم يقول: يا نافع، أسحرنا؟ فأقول: نعم، فيقعد، فيستغفر الله - تعالى - حتى يطلع الفجر.

قال - صلى الله عليه وسلم -: ((رحم الله رجلاً قام من الليل فصلَّى، ثم أيقظ امرأته فصلَّت، فإن أبت نضح في وجهها الماء)).

قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل)).

قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن نام عن حزبه، أو عن شيء منه بالليل، فقرأه بين صلاة الفجر والظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل)).

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان يصلي حتى تَرِمَ قدماه".

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله - تبارك وتعالى - إذا مضى ثلث الليل، أو نصف الليل، نزل إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من داعٍ أستجيب له؟ هل من مستغفرٍ أغفر له؟ هل من تائب أتوب عليه؟ حتى يطلع الفجر)).

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين".

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضل الصلاة بعد الصلاة المفروضة الصلاةُ في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرَّم)).

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصلَّيا ركعتين جميعًا، كُتِبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات)).

عن (سالمٍ) عن أبيه - رضي الله تعالى عنه - قال: كان الرجل في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى رؤيا قصَّها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتمنَّيت أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكنتُ غلامًا شابًّا، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيتُ في النوم كأن مَلَكينِ أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عَرَفتُهم، فجعلتُ أقول: أعوذ بالله من النار، قال فلقينا ملك آخر، فقال لي: لم تُرَعْ، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((نِعْمَ الرجل عبدالله لو كان يصلي من الليل، فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً))؛ (رواه البخاري).

عن بلال - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله - تعالى - ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد)).

عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو مقربة لكم إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم)).

قصص لها عبرة من قيام الليل:
قوَّام الليل من السلف الصالح كان لهم قصص عجيبة من قيام الليل، هذه القصص لها من العبر التي تحث المسلمين على قيام الليل، مَن أخذها وعَلِم فحواها، فقد استمسك بخير ما فيها، ومَن لم يهتمَّ بهذه العبر، فلا يلومنَّ إلا نفسه، هذه القصص والروايات من أقوال وأفعال العلماء:
روي أن عمر - رضي الله عنه - كان يمر بالآية من ورده بالليل فيسقط حتى يعاد منها أيامًا كثيرة كما يعاد المريض.

كان ابن مسعود - رضي الله عنه - إذا هدأت العيون، قام فيُسْمَع له دَوِيٌّ كدَوِي النحل حتى يُصِبح.

كان طاوس - رحمه الله - إذا اضطجع على فراشه يتقلى عليه كما تتقلى الحبة على المقلاة، ثم يثب ويصلي إلى الصباح، ثم يقول: طيَّر ذكرُ جهنم نومَ العابدين.

قال الحسن - رحمه الله -: ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل، ونفقة هذا المال، فقيل له: ما بال المتهجِّدين من أحسن الناس وجوهًا؟ قال: لأنهم خَلَوا بالرحمن فألبسهم نورًا من نوره، وقال الحسن: إن الرجل ليذنب الذنب فيُحرَم به قيام الليل.

قَدِم بعض الصالحين من سفره فمهِّد له فراش، فنام عليه حتى فاته وِرْده، فحلف ألا ينام بعدها على فراش أبدًا.

كان عبدالعزيز بن رواد إذا جنَّ عليه الليل يأتي فراشه فيمد يده عليه، ويقول: إنك لَلَيِّن، ووالله إن في الجنة لألين منك، ولا يزال يصلي الليل كله.

قال الفضيل بن عياض: إني لأستقبل الليل من أوله، فيهولني طوله، فأفتتح القرآن، فأصبح وما قضيت نهمتي.

وقال أيضا: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار، فاعلم أنك محروم وقد كثرت خطيئتك.

وقال أيضا: إذا غَرَبت الشمس فَرِحتُ بالظلام لخلوتي بربي، وإذا طلعت حزنت لدخول الناس عليَّ.

قال أبو سليمان: أهل الليل في ليلهم ألذُّ من أهل اللهو في لهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.

وقال أيضًا: لو عوَّض الله أهل الليل من ثواب أعمالهم ما يجدونه من اللذة، لكان ذلك أكثر من ثواب أعمالهم.

وكان صلة بن أشيم - رحمه الله - يصلِّي الليل كله، فإذا كان في السحر، قال: إلهي، ليس مثلي يطلب الجنة، ولكن أجرني برحمتك من النار.

كان للحسن بن صالح جاريةٌ، فباعها من قوم، فلما كان في جوف الليل قامت الجارية فقالت: يا أهل الدار، الصلاة الصلاة! فقالوا: أصبحنا، أطلع الفجر؟ فقالت: وما تصلُّون إلا المكتوبة؟ قالوا: نعم، فرجعت إلى الحسن، فقالت: يا مولاي، بعتنِي إلى قومٍ لا يصلُّون إلا المكتوبة؟ رُدَّني، فردها.

قال الربيع: بتُّ في منزل الشافعي - رضي الله عنه - لياليَ كثيرة، فلم يكن ينام من الليل إلا يسيرًا.

قال أبو الجويرية: لقد صحبتُ أبا حنيفة - رضي الله عنه - ستة أشهر، فما فيها ليلة وضع جنبه على الأرض.

كان أبو حنيفة يُحْيِي نصف الليل، فمرَّ بقوم، فقالوا: إن هذا يحيي الليل كله، فقال: إني أستحيي أن أوصف بما لا أفعل، فكان بعد ذلك يُحْيِي الليل كله، ويروى أنه ما كان له فراش بالليل.

يقال: إن مالك بن دينار - رضي الله عنه - بات يردِّد هذه الآية ليلةً حتى أصبح: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [الجاثية: 21] الآيةَ.

وقال المغيرة بن حبيب: رمقت مالك بن دينار فتوضَّأ بعد العشاء، ثم قام إلى مصلاه فقبض على لحيته فخنقتْه العَبْرة، فجعل يقول: حَرِّم شيبةَ مالكٍ على النار، إلهي، قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار، فأي الرجلين مالك؟ وأي الدارين دار مالك؟ فلم يزل ذلك قولَه حتى طلع الفجر.

وقال مالك بن دينار: سهوتُ ليلة عن وِرْدي ونمتُ، فإذا أنا في المنام بجارية كأحسن ما يكون، وفي يدها رقعة، فقالت لي: أتحسن تقرأ؟ فقلت: نعم، فدفعت إليَّ الرقعة فإذا فيها:
أألهتْكَ اللذائذُ والأماني
عن البِيضِ الأوانس في الجنانِ
تعيشُ مخلَّدًا لا موتَ فيها
وتلهو في الجنانِ مع الحِسَانِ
تنبّه من منامِك إن خيرًا
من النومِ التهجُّد بالقُرانِ
يروى عن أزهر بن مغيث - وكان من القوَّامين - أنه قال: رأيتُ في المنام امرأة لا تشبه نساء أهل الدنيا، فقلت لها: من أنت؟ قالت: حوراء؛ فقلت: زوجيني نفسك، فقالت: اخطبني إلى سيدي وأمهرني؛ فقلت: وما مهرك؟ قالت: طول التهجُّد.

قيل: إن وهب بن منبه اليماني ما وضع جنبه إلى الأرض ثلاثين سنة، وكان يقول: لأن أرى في بيتي شيطانًا أحب إليَّ من أن أرى في بيتي وسادة؛ لأنها تدعو إلى النوم، وكانت له مسورة من أدم، إذا غلبه النوم وضع صدره عليها، وخفق خفقات ثم يفزع إلى الصلاة.

قال وهب بن منبه: "قيام الليل يشرف به الوضيع، ويعز به الذليل، وصيام النهار يقطع عن صاحبه الشهوات، وليس للمؤمن راحة دون دخول الجنة".

عن معاوية بن قرة، أنه حدَّث القوم، فقرأ هذه الآية: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ﴾ [المزمل: 6]، فقال: "أتدرون ما ناشئة الليل؟ قال: قيام الليل".

كان رجلٌ من العبَّاد قلما ينام من الليل، فغلبتْه عينه ذات ليلة، فنام عن جزئه، فرأى فيما يرى النائم كأن جارية وقفت عليه كأن وجهها القمر المستَتِم، ومعها رَقٌّ فيه كتاب، فقالت: أتقرأُ أيها الشيخ؟ قال: نعم، قالت: فاقرأ لي هذا الكتاب، قال: فأخذته من يدها، ففتحته فإذا فيه مكتوب:
أألهتْك لذَّة نوم عن خير عيش مع الخيرات، في غرف الجنان، تعيش مخلدًا لا موت فيها، وتنعم في الخيام مع الحسان، تيقظ من منامك إن خيرًا من النوم التهجد بالقرآن، قال: فوالله ما ذكرتها قط إلا ذهب عني النوم.

عن الأجلح قال: رأيت سلمة بن كهيل في النوم، فقلت: "أي الأعمال وجدت أفضل؟ قال: قيام الليل".

عن الضحاك قال: "أدركتُ أقوامًا يَسْتَحْيُون من الله في سواد الليل أن يناموا من طول الضجعة".

قال أبو غالب: "صَحِبَنا شيخٌ في بعض المغازي، وكان يحيي الليل حيث كان، على ظهر دابته، أو على الأرض، وكان إذا نظر إلى الفجر قد سطع ضوؤه نادى: يا إخوتاه، عند بلوغ الماء يفرح الواردون بتعجيل الرواح، هنالك تنقطع كل همة".

قال أبو مدرك عثمان بن وكيع العبدي: جاء رجل إلى بيت المقدس فمدَّ كساءه من ناحية المسجد، وكان فيه الليل والنهار له طعيمة خلف ذلك الكساء الذي قد مدَّه، قال: فيبيت ليلته أجمع يصلي فإذا طلع الفجر مد بصوت له: "عند الصباح يغبط القوم السرى"، قال: وكان يقال له: ألا ترفق بنفسك؟ فيقول: "إنما هي نفس أُبَادِرها أن تخرج".

عن مولًى لعبدالله بن حنظلة يقال له سعد، قال: "لم يكن لعبدالله بن حنظلة فراش ينام عليه، إنما كان يلقي نفسه هكذا، إذا أعيا من الصلاة توسَّد رداءه وذراعه يهجع شيئًا".

قال عبدالله بن أبي زينب: قالت لي أمي: "يا بني، ما توسد أبوك فراشًا منذ أربعين سنة في بيتي"، قلت: أما كان ينام؟ قالت: "بلى، هجعة خفيفة وهو قاعد قبل الفجر"؛ الهجعة: النومة في وقت من الليل.

كانت معاذة العدوية تحيي الليل صلاةً، فإذا غلبها النوم قامتْ فجالت في الدار، وهي تقول: "يا نفس، النوم أمامك، لو قدمت لطالت رقدتك في القبر على حسرة أو سرور"، قالت: فهي كذلك حتى الصبح.

وقيل: إن معاذة العدوية لم تتوسد فراشًا بعد أبي الصهباء حتى ماتت.

وعن معاذة العدوية قالت: "كان صلة بن أشيم يقوم من الليل حتى يفتر، فما يجيء إلى فراشه إلا حبوًا".

قال الهيثم أبو علي المفلوج: "صلى سليمان التَّيْمِي الغداةَ بوضوء العتمة أربعين سنة"؛ يعني: كان يصلي الصبح بوضوء العشاء، وهذا دليل على أنه كان لا ينام الليل.

قال أبو إسحاق السَّبِيعي: "ذهبت الصلاة مني، وضعفتُ ورقَّ عظمي، إني اليوم أقوم في الصلاة فما أقرأ إلا البقرة وآل عمران".

قال سفيان بن عُيَينة: "كان أبو إسحاق يقوم ليلة الصيف كله، فأما الشتاء فأوله وآخره وبين ذلك هجعة".

عن سفيان قال: قال عون بن عبدالله: يا أبا إسحاق، ما الذي بقي منك؟ قال: أقوم فأقرأ البقرة في ركعة وأنا قائم، قال: "بقي فيك الخير وذهب منك الشر".

عن عبدالسلام بن حرب قال: "ما رأيتُ أحدًا قط أصبر على سهر بليل مِن خلف بن حوشب، سافرتُ معه إلى مكة فما رأيته نائمًا بليل حتى رجعنا إلى الكوفة".

كان منصور بن المُعتَمِر إذا صلى الغداة أظهر النشاط لأصحابه فيحدِّثهم ويكثر إليهم، ولعله إنما بات قائمًا على أطرافه، كل ذلك ليخفي عنهم العمل.

كان الحارث بن يزيد الحضرمي يصلِّي في اليوم والليلة ستمائة ركعة.

كان لرياح القيسي غلٌّ من حديد قد اتَّخذه، فكان إذا جنَّه الليل وضعه في عنقه، وجعل يبكي ويتضرع حتى يُصبِح.



عن أنس رضي الله عنه قال: "دخل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المسجدَ فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: ((ما هذا؟))، فقالوا: هذا حبلٌ لزينبَ تطرد عن نفسها النُّعاس، فقال: ((حُلُّوه، ليصَلِّ أحدُكم نشاطه، فإذا فتَر فليرقُد))"[1].
ومن هذا الحديث يتبين لنا مدى الاجتهاد الذي كان عليه السلفُ الصالح؛ فهذه أم المؤمنين زينب تربط حبلاً بين عمودينِ من أعمدة المسجد، وتقيم الليل، فإذا غلَبها النُّعاس قامت فتعلقت في هذا الحبل لتطردَ عن نفسها النُّعاس.
وعن عبدالله بن قيس قال: دخلتُ على أم المؤمنين عائشةَ - رضي الله عنها - فقالت: يا عبدالله، لا تدَعْ قيام الليل؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان يدَعُه، وكان إذا مرض أو كسِل صلَّى وهو قاعد"[2].
وعنه أيضًا أنه سأل عائشة - رضي الله عنها -: "هل كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يجهَرُ أم يُسِر في قيام الليل؟ قالت: كلَّ ذلك فعَل"[3].
وفي مستدرَك الحاكم بسند صحيح أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على أبي بكر وهو يتهجَّد خافضًا صوته، ثم مر بعمر وهو قائم يرفع صوتَه، فسأل أبا بكر فقال: يا رسول الله، لقد أسمعتُ من ناجَيْتُ، وسأل عمرَ فقال: لأطردَ الشيطان، وأوقظَ الوَسْنانَ - يعني النائم، فقال لأبي بكر: ((ارفعْ قليلاً))، وقال لعمر: ((اخفِضْ قليلاً)).
وفي موطأ مالك عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: كان عمرُ يصلِّي في الليل، حتى إذا كان من آخرِ الليل أيقَظ أهلَه وقرَأ: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].
وفي صحيح البخاري ومسند أحمد عن أبي عثمانَ النَّهدي قال: تضيَّفتُ أبا هريرة سبعةَ أيام - أي نزلت ضيفًا عليه - فكان هو وزوجُه وخادمُه يقتسمون الليل أثلاثًا، الزوجة ثلثًا، وخادمه ثلثًا، وأبو هريرة ثلثًا.
وفي تذكرة الحفَّاظ للذهبي أن سليمان التيميَّ كان عنده زوجتانِ، كانوا يقتسمون الليلَ أثلاثًا.
الحسن بن صالح - وهو من رِجال مُسلِم - كان يقتسم الليلَ هو وأخوه وأمُّه أثلاثًا، فماتت أمُّه، فاقتسم الليلَ هو وأخوه عليٌّ، فمات أخوه، فقام الليلَ بنفسه.
الحسن بن صالح كان عنده جاريةٌ فباعها، فأيقظتهم في الليل، فقالوا: أسفرنا؟ - يعني طلع الفجر - فقالت: لا، ألا تتهجدونَ؟ فقالوا: لا نقومُ إلا إلى صلاة الفجر، فجاءت إلى الحسن تبكي وتقول: رُدَّني، لقد بِعْتَني لأناس لا يصلُّون إلا الفريضة، فردَّها.
محمد بن واسع كان إذا جنَّ عليه الليلُ يقوم ويتهجد، يقول أهله: كان حاله كحال مَن قتَل أهل الدنيا جميعًا.
أبو سليمانَ الدَّاراني يقول: والله لولا قيام الليل ما أحببتُ الدنيا، ووالله إن أهلَ الليل في ليلِهم ألذُّ من أهلِ اللهو في لهوهم، وإنه لتمرُّ بالقلب ساعاتٌ يرقص فيها طربًا بذكر الله، فأقول: إنْ كان أهلُ الجنة في مِثل ما أنا فيه من النعيم، إنهم لفي نَعيم عظيم.
رياح بن عمرو القَيْسي، تابعيٌّ جليل، تزوج امرأة يقال لها: (ذؤابة)، فلما جاء النهار أراد أن يختبرَها، فقامت تعجن عجينَها، فقال: أُحضِر لك أَمَة، قالت: أنا تزوجتُ رياحًا، وما تزوجتُ جبارًا عنيدًا، فلما جاء الليلُ تناوَم رياح، فقامت ربعَ الليل، فقالت: يا رياحُ، قُمْ، فقال: أقوم، وظل نائمًا، فقامت الربع الثاني وقالت: يا رياح، قُمْ، فقال: أقوم، فمضى الربع الثالث، فقالت: يا رياح، قُمْ، فقال أقوم، فدخل الربعُ الرابع، فقالت: يا رياح، قد عسكَر المعسكرون، وفاز المحسنون، يا ليت شِعري، مَن غرَّني بك، وكانت إذا دخل الليلُ في أجمل هيئة، فإذا كان له بها حاجة أصابها، ثم تفرغا لعبادة الله.
أبو إسحاق الشيرازي، كان إذا جاءه الليل يقومُ ويناجي ربه ويقول:
لبستُ ثوب الرجا والناسُ قد رقدوا        وقمتُ أشكو  إلى  مولايَ  ما  أجدُ
وقلت:  يا  عدَّتي   في   كل   نائبة        ومَن عليه في  كشف  الضرِّ  أعتمدُ
أشكو  إليك  أمورًا   أنتَ   تعلمها        ما لي على  حَمْلِها  صبرٌ  ولا  جَلَدُ
وقد  مددتُ  يدي   بالذل   معترفًا        إليك،  يا  خيرَ  من  مُدَّت  إليه  يدُ
فلا    تردَّنها    يا     ربُّ     خائبةً        فبحرُ  جُودِك  يروي  كلَّ  مَن  يرِدُ
يردِّده ويبكي.
رُوِي أن مالك بن دينار بات ليلة يردِّد هذه الآيةَ حتى أصبح ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [الجاثية: 21].
عن زائدة قال: صليتُ مع أبي حنيفة في مسجدِ عشاءَ الآخرة، وخرج الناس ولم يعلم أني في المسجد، وأردتُ أن أسأله عن مسألة من حيث لا يراني أحدٌ، فقام فقرأ وقد افتتح الصلاةَ حتى بلغ هذه الآية: ﴿ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴾ [الطور: 27]، فأقمتُ في المسجد أنتظر فراغه، فلم يزَلْ يردِّدُها حتى أذَّن المؤذن لصلاة الفجر.


[1] متفق عليه.
[2] رواه أبو داود بإسناد صحيح.
[3] رواه الحاكم في المستدرك بسند صحيح.



اعتقاد العبد واستشعاره أن الله يدعوه إليه


الأسباب الميسرة لقيام الليل كثيرة والأمور المحفزة له عديدة؛ نذكر منها - على سبيل المثال - أن يعتقد العبد ويستشعر أن الله تبارك وتعالى يدعوه لقيام الليل:
فإذا استشعر العبد وهو المخلوق الضعيف، أن ربه الكبير خالقه ومولاه يعرفه ويدعوه للقيام بين يديه وهو سبحانه الغني عن طاعة الناس جميعًا كان ذلك أدعى للاستجابة، عندما يسمع أو يقرأ قوله تعالى: ﴿ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا ﴾  [المزمل: 2، 4] .

أو قوله سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المزمل: 20] .

قال سعد بن هشام بن عامر للسيدة الجليلة الحصينة العفيفة الكريمة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ألست تقرأ ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾ قلت: بلى، فقالت: إن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولًا، حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعًا بعد فريضة. رواه مسلم والبيهقي في الكبرى.

تأملات إيمانية

[تأملات إيمانية][fbig1]

دروس ومحاضرات

[دروس ومحاضرات][slider2]

يتم التشغيل بواسطة Blogger.