Halloween party ideas 2015

كُلّنا حافظين جزء عمّ مش كده ؟؟
فلو جينا مثلاً علي سورة زي سورة العاديات:
بسم الله الرحمن الرحيم
"وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ( 1 ) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ( 2 ) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ( 3 ) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا ( 4 ) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ( 5 ) إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ( 6 ) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ( 7 ) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ( 8 ) أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ( 9 ) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ( 10 ) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ( 11 )"

- تعرف يعني ايه العاديات ؟؟
-طب تعرف يعني ايه ضبحا ؟؟
- تعرف يعني ايه الموريات قدحا ؟؟
-طب تعرف ايه هيا المُغيرات ؟؟
- تعرف يعني إيه نقعا ؟؟
- تعرف يعني ايه كنود ؟؟
مفيش مشكله إّنك متبقاش عارف ...
تعالي نعرف سوا ...
- العاديات: 🐴 الخيل اللى بيركبها الفرسان في الحروب.
- ضبحا: الضبح يعني صوت أنفاس الخيل.
فالموريات قدحا: الخيل لما تضرب بحوافرها الارض والحجارة.
فالمغيرات صبحا: الخيل اللى بتُغير علي العدو خاصة وقت الصبح.
نقعا: يعني الغبار الذي تسببه الخيل في المعركة.
الكنود: الجاحد لنعم ربنا عليه.
- طب أيه الحكمه إن ربنا يُقسم بالخيل وبوقت إنقضاضُها علي العدو ... وبأنفاسها ... وبالغبار الناتج عن قوّتها اللى بتتسبّب فيه في أرض المعركة؟!!
إنها بتعمل كل دا إرضاءاً لسيّدها (الفارس اللي راكبها)، وهيا في الأصل مش عارفه حاجه، إلاّ إنها بتعمل اللي هو عاوزه، لانه بس بيطعمها وبيرعاها وبيهتم بيها، كنوع من ردّ الجميل !!!
"سبحان الله"
علشان كدا ربنا ذكر بعدها جحود ونكران وخسّة الإنسان مع ربّه ((ان الانسان لربه لكنود))
رغم أنّ الله أنعم علينا بنعم كثيرة لا تُعدّ الاّ إننا مش مُعترفين بيها، ولا راضيين بحالنا، ودايما ساخطين علي أقدار الله، ومع أول إبتلاء بنطعن في حكمة وعدل ربنا "إلا من رحم ربي"
وده الفرق بين الإنسان والخيل في تعامل كل واحد منهم مع سيّده.
سورة قصيره جداً، بس فيها معاني تُحرك القلوب.
ملحوظه:
علي فكرة انت مكنتش تعرف اللي قريته ده قبل كده ... وانا كمان مكنتش اعرف ... عرفت ونشرت وأنت دلوقتي بتقراه ...
"بلغوا عني ولو آية"

عندما يقف الإنسان بين يدي الله في صلاته متوجهاً بقلبه إلى خالقه وهو يتخيل الجنة والنار وأحداث يوم القيامة ....




عندما يقف الإنسان بين يدي الله في صلاته متوجهاً بقلبه إلى خالقه وهو يتخيل الجنة والنار وأحداث يوم القيامة وما يتلوه من معاني، ويتدبر الآيات التي يقرأها فإن هذه الصلاة ستكون عبادة وشفاء. لأن الدماغ يتلقى كمية كبيرة من المعلومات والأوامر القرآنية من خلال تلاوة القرآن أثناء الصلاة، وهذه الأوامر ستكون بمثابة إعادة شحن وبرمجة وإصلاح لما تعطل من خلايا! قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النور: 56].

في دراسة غير إسلامية، قال باحثون أميركيون إن التدين والالتزام بتعاليم الدين من شأنه تخفيف الشعور بالآلام المزمنة....




في دراسة غير إسلامية، قال باحثون أميركيون إن التدين والالتزام بتعاليم الدين من شأنه تخفيف الشعور بالآلام المزمنة، وخاصة تلك الناجمة عن التهاب المفاصل، وأثبتت الدراسة أن المرضى المتدينين أقدر من غير المتدينين على التعامل مع الآلام وتقليلها بتنشيط إحساسهم بأنهم بصحة جيدة. ووجدت الدراسة أن المرضى الراغبين بالتقرب إلى الله  يتمتعون عادة بمزاج جيد، وتكون حالتهم أفضل من حالة نظرائهم غير الملتزمين، كما أن هؤلاء يحصلون على دعم المجتمع في مواجهة معاناتهم. قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) [النحل: 97].

طلب ولد من أبيه أن يلخص له خبرته في الحياة والحكمة التي أخذها منها ، فقال له :
" هل تقدر على الاستماع ؟ " ، فقال له : " نعم"... فقال:
يابني :
إيّاك أن تتكلم في الناس والأشياء إلا بعد أن تتأكد من صحة المصدر ،
وإذا جاءك أحد بنبأ فتبين قبل أن تتهور!
وإيّاك والشائعة ، لا تُصدق كل ما يقال ولا نصف ما تبصر ،
وإذا ابتلاك الله بعدو قاومه بالإحسان إليه ، ادفع بالتي هي أحسـن فستنقلب العداوة حباً.
إذا أردت أن تكتشف صديقاً سافر معه ! ففي السفر ينكشف الإنسان ويذوب المظهر وينكشف المخبر ، ولماذا سمي السفر سفرا ؟
إلا لأنه عن الأخلاق والطبائع يُسفر .
وإذا هاجمك الناس وأنت على حق فافرح ! لأنهم يقولون لك أنت ناجح ومؤثر ، ولا يُرمى إلا الشجر المثمر .
بني .. عندما تنتقد أحداً فبعين النحل تعوّد أن تبصر ولا تنظر للناس بعين ذباب فتقع على ما هو مستقذر !
نم باكراً يا بني فالبركة في الرزق صباحاً ، وأخاف أن يفوتك رزق الرحمن لأنك تسهر .
وحينما يثق بك أحد ، فإياك ثم إياك أن تغدر .
سأذهب بك لعرين الأسد ، وسأعلمك أن الأسد لم يصبح ملكاً للغابة لأنه يزأر ! ولكن لأنه عزيز النفس ، لا يقع على فريسة غيره مهما كان جائعاً يتضور، فلا تسرق جهد غيرك فتتجوّر !
سأذهب بك للحرباء ، حتى تشاهد بنفسك حيلتها ! فهي تلون جلدها بلون المكان ، لتعلم أن في البشر مثلها نسخ تتكرر .
تعود يا بني أن تشكر... اشكر الله فيكفي أنك مسلم ويكفي أنك تمشي وتسمع وتبصر ، اشكر الله واشكر الناس ، فالله يزيد الشاكرين . والناس تحب الشخص الذي عندما تبذل له يقدر .
أعظم فضيلة في الحياة هي الصدق ، واعلم ان الكذب وإن نجا هو أرذل رذيلة .
بني .. وفّر لنفسك بديلاً لأي شيء ، استعد لأي أمر ، حتى لا تتوسل لنذل يذل ويحقر .
واستفد من كل الفرص ، لأن الفرص التي تأتي الآن قد لا تتكرر .
لا تتشكى ولا تتذمر ! أريدك متفائلاً مقبلاً على الحياة ، اهرب من اليائسين والمتشائمين ، وإياك أن تجلس مع رجل يتطير !
لا تتشمت ولا تفرح بمصيبة غيرك ، وإياك أن تسخر من شكل أحد ،
فالمرء لم يَخلق نفسه ! ففي سخريتك أنت في الحقيقة تسخر من صنع الذي أبدع وخلق وصور .

توطئة:
يقول الله - تبارك وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد: 28]، وورد عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة))، وفي الصَّحيح عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إنِ استطعت إليه سبيلاً))، وفيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده))، وعن بَهْزِ بنِ حكيم عن أبيه عن جَدِّه أنَّه سأل النبيَّ عن الإسلام، فقال: ((أن تسلم قلبك لله، وأن تولي وجهك إلى الله، وأن تصلي الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزَّكاة المفروضة))[1].

وعن أبي قلابة، عن رجل من أهل الشام، عن أبيه، أنَّه سأل النبي: ما الإسلام؟ فقال: ((أنْ تسلم قلبك لله، ويسلم المسلمون من لسانك ويدك))، قال: أيُّ الإسلام أفضل؟ قال: ((الإيمان))، قال: وما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت)).

سكينة الإيمان:
دومًا فإنَّ الإيمانَ يدعوك إلى أن تكون مسالِمًا مع نفسك ومع الآخرين، وتُقبِل على أيِّ عمل من شأنه أن ينمِّي حالةَ السلم هذه في نفسك، إنَّ علاقتَك الكبرى والأولى هي مع الله، ومن ثَمَّ مع نفسك، وأنت يُمكنك أن تحصل الطمأنينة والسكينة لنفسك ما دُمت ترفع عنك وعن غيرك الضر، وتُحقق لنفسك ولغيرك النفع.

يُمكنك أن تُصغي إلى نفسِك، فتقول لك بأنَّ السارق ليس هو ذاك الذي يَمُدُّ يديه إلى ممتلكات الناس فحَسْب، السارق كذلك هو الذي يَمد أذنيه، فيسترق كلمةً ليست له، يَمد عينيه؛ ليختلس نظرة ليست له، وأمام ذلك ترى هذا الشخص يترفَّع عن نفسه، فيقفل سَمَّاعة الهاتف عندما يرد على هاتفه صوتٌ مُتشابك، وكما أنه يرتقي في ألاَّ يَمد يديه إلى جيب جاره، فيسرق ماله، فإنه يرتقي ألاَّ يمد بصره؛ ليسترقَ عرض جاره.

فتعاليم الإسلام فيها الخير كل الخير، لقد كان الناس بحاجة إلى دفء السلم أكثر مما كانوا بحاجة إلى صقيع الحروب، فجاء الإسلام؛ ليُخرجهم من صقيع الحروب إلى دفء وسكينةِ السلم بالكلمة الطيبة، وبواسطة أنبياء حملوا كتبًا، ولم يحملوا سيوفًا إلا لتحقيق الأمن والأمان والسلم في المجتمع, بَنَوْا مساجدَ تَجمع الناس، وتزرع فيهم المحبة لله وللناس.

عن أم سلمة - رضي الله عنها - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّما أنا بشر، وإنَّكم تَختصمون إلَيَّ، ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه شيئًا، فلا يأخذه، فإنَّما أقطع له قطعة من النار))؛ متفق عليه[2].

يُمكن لك أن تعيشَ مع صفحات الإسلام حياةً سعيدة هادئة، بعيدة عن ردَّات الفعل، ورعود الاضطراب، تكون متمسكًا بحالة الهدوء العامَّة في حواسك، وتعطي لكل وقت وقته، ولكل أمر أمره، ولكلِّ فعل فعله، وأنت تنظر في شخص مضطرب يقول:
لساني يقول ولا أفعل، وقلبي يريد ولا أعمل، وأعرف رشدي ولا أهتدي، وأعلم لكنَّني أجهل، ويدركك حينئذ نور أن تفعل وتعمل وتهتدي وتعلم ولا تجهل.

بين الإيمان وقراءة القرآن الكريم:
قال عبدالله بن عروة بن الزبير: قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر: كيف كان أصحابُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا سمعوا القرآن؟ قالت: "تدمعُ أعينهم، وتقشعر جلودهم، كما نعتهم الله".

وروى ابنُ أبي الدنيا من حديث عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، قال: سمعت عبدالله بن حنظلة يومًا وهو على فراشه، وعُدته من علته، فتلا رجل عنده هذه الآية: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41]، فبكى حتى ظننت أنَّ نفسه ستخرج، وقال: صاروا بين أطباق النار، ثم قام على رجليه، فقال قائل: يا أبا عبدالرحمن، اقعد، قال: منعني القعود ذكرُ جهنم، ولعلي أحدهم.

إنَّ القرآنَ الكريم يَجعلك تتفاعل معه، فتكون مفتيًا على ذاتك، وتفتح القرآن، فترى كلمات ربك الذي يراك تستغفره، وتسبِّح بحمده، إنَّك هنا على عَلاقة تفاعلية مُباشرة مع ربِّك، مع القرآن، ومع آيات الكون تكون في علاقة تفاعلية مُباشرة مع ربك - تبارك وتعالى.

قال ابنُ أبي مليكة: صحبت ابنَ عباس – يعني: في السفر - فإذا نزل، قام شطر الليل، ويرتل القرآن حرفًا حرفًا، ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب.

ومن حديث أبي بكر بن عياش قال: صليت خلفَ فضيل بن عياض صلاةَ المغرب، وإلى جانبي عليُّ بن فضيل، فقرأ الفضيل: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] فلما بلغ: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} [التكاثر: 6]، سقط عليٌّ مغشيًّا عليه، وبَقِيَ الفضيل لا يقدر أن يُجاوز الآية، ثم صلى بنا صلاةَ خائفٍ، قال: ثم رابطت عليًّا، فما أفاق إلاَّ في نصف الليل.

وذات يوم سمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلاً يتهجَّد في الليل، ويقرأ سورة الطور، فلما بلغَ إلى قوله - تعالى -: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} [الطور: 7 - 8]، قال عمر: قسم ورب الكعبة حق، ثم رجع إلى منزله، فمرض شهرًا يعودُه الناس لا يدرون ما مرضُه.

قال محمد بن حجادة: قلت لأم ولد الحسن البصري: ما رأيت منه - أي: الحسن البصري - فقالت: رأيته فتح المصحف، فرأيت عينيه تسيلان وشفتيه لا تتحركان، فبمحمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - تبيَّن الكفر من الإيمان، والربح من الخسران، والهدى من الضلال، والنَّجاة من الوبال، والغَيِّ من الرشاد، والزَّيغ من الفساد، والمتقون من الفجار، وإيثار سبيل من أنعمَ الله عليهم من النبيِّين والصديقين والشُّهداء والصالحين، على سبيل المغضوب عليهم والضالين.

ثمار الإيمان:
فالحقُّ عيوف، والباطل شنوف، والشيطان مُتكئ على شماله يَدِبُّ بين الناس بالعَداوة والشَّحناء، عياذًا بالله من فتنة جاهل مغرور، أو خديعة فاجر ذي دهاء وفجور يَميل به الهوى، ويزين له الشيطان طريق الغواية والردى؛ قال العزيز الحكيم: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 123 - 126].

يقول بعضُ المفسرين: إنَّ اللهَ تكفَّل لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألاَّ يضل في الدُّنيا، ولا يشقى في الآخرة، ففي الدنيا يعطيه أعظم نعمة، وهي نعمةُ الإيمان، وفي الآخرة يُعطيه ما هو أعظم، وهو نعمة النظر إليه - تبارك وتعالى - ورد في دُعاء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اللهم إنِّي أسألك لذَّة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضَرَّاءَ مُضِرَّة، ولا فتنة مضلة))؛ رواه النسائي.

وفي "صحيح مسلم" وغيره عن صهيب عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا دخل أهل الجنة، نادى منادٍ: يا أهلَ الجنة، إنَّ لكم عند الله موعدًا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، ويُجِرنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فينظرون إليه - سبحانه - فما أعطاهم شيئًا أحب إليهم من النظر إليه))، وليس لك إلا الله، ليس لك دليل إليه أقرب من قلبك؛ {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} [مريم: 65]، واعلم أنَّ {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، و{لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَك} [النساء: 84]، و{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7].

ليس لك إلاَّ الله الذي هو وحدَه صمدك، الذي تصمد إليه في استعاذتك وعبادتك، وتعتضد به كل ساعة، وهو الذي لا يَحتاج منك شيئًا، وأنت الذي تَحتاج منه كلَّ شيء؛ {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40]، وفي الحديث القدسي: ((يا عبادي، لو أنَّ أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، ولو كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، ولو قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كلَّ واحدٍ مَسألته، ما نَقَصَ ذلك مما عندي شيئًا)).

وانظر هنا إلى دعاء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي يُمكن للمرء أن يُردِّده؛ ليدنوَ به من ربِّه، فيشرح له صدره: ((اللهمَّ إنَّك تسمعُ كلامي، وترى مكاني، وتعلم سِرِّي وعلانيتي، ولا يَخفى عليك شيء من أمري، أنا البائسُ الفقير، المستغيثُ المستجير، الوجل المُشفق، المقر بذَنبِه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهالَ المذنب الذَّليل، وأدعوك دعاء الخائف الضَّرير، مَن خضعت لك رقبتُه، وذل لك جسدُه، ورَغِمَ لك أنفه، اللهم لا تجعلني بدعائك ربِّ شقيًّا، وكن بي رؤوفًا رحيمًا، يا خير المسؤولين، ويا خير المعطين))[3].

يقول الخبيرُ بِنِيَّةِ الإنسان في بيانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16].

ورأفةً منه - جلَّ وعلا - فقد دعا الإنسان إلى نور الإيمان؛ ليُخرجَه من الضلالة إلى الهدى، ومن ظلمات نفسه إلى نور ربِّه، فمن دون أن يَمسه شيء من هذا النور الإلهي المبارك، وترتوي روحه بمياه الإيمان النقية - يلبثُ هذا الكائن في معزل عن ربِّه عُرضةً لنوازعِ الشرِّ في كوامنه، وفي كائناتٍ أخرى مَرئية وغير مَرئية، يعيش في مُحيطها، وتعيش في مُحيطه، فيوجه عزَّ من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النساء: 136]، ولا يلبث توجيه العزيز في محض الأمر، لكنَّه وبواسع رحمته يُظهر لهم أنوارَ الإيمان التي سوف تسطع على ظلماتِهم، واضطراب نفوسهم، فتحقق في دواخلهم الأمن والسكينة والنُّزوع إلى رحاب الفضيلة، وتشفيهم من أمراضٍ رُوحية وبدنية، وتَمحو كل أثر من آثار ما اقترفوا من سيئات الأعمال والأقوال.

نور الإيمان:
قال الله - جل في علاه -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ} [النساء: 170]، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: 2]، {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82]، هذا كله إلى جانب وعد الله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29]، ثم ينتقل بمخيلة الإنسان؛ ليصور نعيمه، وقد تزين بنور الإيمان، وهذه بِشَارة من ربِّ العزة: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الحديد: 12].

تنمو بذرة الإيمان، وتترعرع في تربة الروح بمياه الذِّكر، وبالإكثار من مُمارسة سلوك إيماني، وما أن سبَّح الإنسان في محراب الذِّكر، وحب الله في كل عمل يعمله، وكل لفظ يلفظه، حتى يجد الله يمن عليه بهداية قلبه.

ولا يغرن أحدٌ أن الإيمان ألفاظٌ تَجري على اللسان، فأيُّ لفظ لم يقترن بممارسة إيمانية عَميقة، مثله كمثل الوعاء الفارغ، فليس كل لافِظ لشهادة الإيمان وجد حلاوته، وقد استفاضَ خاتم النبيِّين - الذي أولاه ربه مهمة نشر وشرح كتاب الإيمان - في وضع نقاط كلمة الإيمان على حروفها في قلب المؤمن، وهو في هذا سيد الشراح، والمشكاة التي يهتدي بها الشراح من بعده، ومن شروحاته لكلمات ربِّه للناس، وهو يبين تهيئة أسبابِ حلول نور الإيمان على قلب المؤمن: ((ثلاث من كنَّ فيه، وجد حلاوة الإيمان: أن يكون اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما، وأنْ يُحبَّ المرء لا يُحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يُلقى في النار))، والحكمة في هذا الموضع من مَحبة الله أنَّها تَملأ قلبَ ومشاعر الإنسان بمحبة رسولِه، الذي يُبادل المؤمن مَحبة أعلى مرتبة منه، ومن مَحبة الرسول تتوالد سلوكيات مَحبة الناس، لا لغايات أو لمصالح دُنيوية زائلة، بل تتوالد كما هي مَحبة خالصة في الله.

فأيُّ مَحبة حقيقيَّة صادقة لا تُحقِّق كينونتَها، إلاَّ إذا سبقتها هذه المحبة الرَّبَّانية الزَّكية، أمَّا إذا كان فاقدًا لهذه المحبة الإلهية الطَّاهرة، فإنَّ بذرة المحبة تلبثُ ميتة لا يُحركها ساكن من دون الله في عمق فؤاده.

هذا الكائن الذي يحيا في الناس ببذرة مَحبة ميتة هو في واقع الأمر لا انتماء له لسلالة البَشَر إلاَّ مظهره، فيكون ممسوخًا في باطنه؛ إذ لا يرى أيَّ قيمة أو مُتعة في الحياة برُمَّتِها خارجًا عن لحظات اكتسابه للمال التي يَمتلئ فيها شعورًا بالرِّضَا عن نفسه، وعن جدارة العيش، ويبلغ مرحلة نرجسية غاية في السلبيَّة لا ينظر فيها نظرة إلاَّ إذا جَرَّت عليه نفعًا، ولا يَخطو خطوةً إلاَّ إذا لمس خلفها مصلحة، لا يَمد كفَّ سلام إلاَّ لطمع في نفسه، لا يلفظ كلمةَ حقٍّ إلاَّ إذا رأى كسبًا، بل لا تتناهى له فكرة إلاَّ وقد قلبها، حتى أتى على وجهها المالي النفعي الزهيد.

كلُّ حركة تبدر منه تكون مرهونة سابقًا بالرِّبح والخسارة في هيئة مادية خالصة، من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، فلا تلمَس في مَذهبه خَصْلَة حميدة، أو موقف تضحية، أو ذرة رحمة، أو كلمة تسامح، إنَّه كائن بشع فاسد أينما وطأت قدماه، فإنِ ابتاع سلعة، نظر إلى قيمتها قبل أن ينظر إلى جودتها، وإن أنتجَ سلعةً، نظر إلى بَدَلِها النَّقدي قبل أنْ ينظرَ إلى جودتِها، فيرتمي آخر الليل في أحضان كيسه سعيدًا، وكله انتظار لصباح جديد تحسبًا لزيادة أخرى، بينما عباد الله بوغتوا بهشاشة بضاعته وفسادها، وهم يُكيلون اللَّعنة تِلْوَ الأخرى لمنتجها ومروجها وبائعها.
 
ـــــــــــــــــــــــ
[1]  رواه أحمد.
[2]  "صحيح البخاري"، 9/86، و"صحيح مسلم"، 3/1337.
[3]  رواه الطبراني عن ابن عباس.

السريالية  أو الفواقعية أي "فوق الواقع" وهي مذهب فرنسي حديث في الفن والأدب يهدف إلى التعبير عن العقل الباطن بصورة يعوزها النظام والمنطق وحسب مُنظهرها أندريه بريتون (بالفرنسية: André Breton) فهي آلية أو تلقائية نفسية خالصة، من خلالها يمكن التعبير عن واقع اشتغال الفكر إما شفويا أو كتابيا أو بأي طريقة أخرى، وهي "فوق جميع الحركات الثورية". إذن فالأمر يتعلق حقيقة بقواعد إملائية للفكر، مركبة بعيدة كل البعد عن أي تحكم خارجي أو مراقبة تمارس من طرف العقل و خارجة عن نطاق أي انشغال جمالي أو أخلاقي و قد اعتمد السرياليون في رسوماتهم على الأشياء الواقعية تستخدم كرموز للتعبير عن أحلامهم و الارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئي.

و قد لقيت المدرسة السريالية رواجا كبيرا بلغ ذروته بين عامي 1924-1929 و كان آخر معارضهم في باريس عام 1947.


ومن أهم أقطابها الفنان الإسباني (سلفادور دالي) (1904-1989). ومن بعض أعماله الفنية "الخلوة"، "تداعي الذاكرة"، "الآثار" و"البناء".
نشأت المدرسة السيريالية الفنية في فرنسا، وازدهرت في العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين، وتميزت بالتركيز على كل ما هو غريب ومتناقض ولا شعوري. وكانت السيريالية تهدف إلى البعد عن الحقيقة وإطلاق الأفكار المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة الأحلام. واعتمد فنانو السيريالية على نظريات فرويد رائد التحليل النفسي، خاصة فيما يتعلق بتفسير الأحلام.
قامت السيريالية على أنقاض الدادية ، وقد ساعد على ظهورها ، ظهور نظرية “فرويد” في علم النفس ، وبخاصة ما يتعلق بالعقل الباطن . وتهدف السيريالية إلى (ما فوق الحقيقية) أو (ما فوق الواقعية) وهي تتطلب من الفنان والشاعر التجوال في بواطن العقل المظلمة ، وتعتمد على التداعي النفسي وأشكاله المتضمنة في الأحلام .. ومن مهام الفنان التقاط دلالات اللاوعي خلال الصور المنبثة في اللاوعي النفسي .

فالسيريالية : هي لقاء بين الدادية التي تعني التمرد على حدود المنطق وبين نظرية “فرويد” التي تعني الاهتمام بالعقل الباطن والعمل على الكشف عن أسراره ، وقد وضع بيان هذه المدرسة ، الكاتب الفرنسي “اندريه بريتون” (1896 ـ 1966) عام 1924 وبين فيه : أن مذهبهم الفني يعبر عن خواطر النفس في مجراها الحقيقي بعيدا عن كل رقابة يفرضها العقل . ثم الايمان المطلق بسلطان الأحلام .. كما أشار إلى أهمية (الوهم) الذي يفتح الآفاق أمام التخيل ، ويبرز الحياة النفسية الحقيقية الكامنة في خلفية تفكيرنا العقلاني .

وقدّ تطورت السّريالية من خلال أنشطة الدّادا (الدّادئية) خلال الحرب العالمية الأولى حيث كان مركزها الأساس باريس. ومن العشرينيات فصاعداً انتشرت الحركة عبر العالم وأثّرت بشكلٍ كبيرٍ في الفنون البصرية والأدب والموسيقى و الفكر السّياسي والممارسة والفلسفة والنّظرية الاجتماعية في العديد بلدان العالم.

وصف النقاد اللوحات السيريالية بأنها تلقائية فنية ونفسية، تعتمد على التعبير بالألوان عن الأفكار اللاشعورية والإيمان بالقدرة الهائلة للأحلام. وتخلصت السيرالية من مبادئ الرسم التقليدية. في التركيبات الغربية لأجسام غير مرتبطة ببعضها البعض لخلق إحساس بعدم الواقعية إذ أنها تعتمد على الاشعور.

واهتمت السيريالية بالمضمون وليس بالشكل ولهذا تبدو لوحاتها غامضة ومعقدة، وإن كانت منبعاً فنياً لاكتشافات تشكيلية رمزية لا نهاية لها، تحمل المضامين الفكرية والانفعالية التي تحتاج إلى ترجمة من الجمهور المتذوق، كي يدرك مغزاها حسب خبراته الماضية. والانفعالات التي تعتمد عليها السيريالية تظهر ما خلف الحقيقة البصرية الظاهرة، إذ أن المظهر الخارجي الذي شغل الفنانين في حقبات كثيرة لا يمثل كل الحقيقة، حيث أنه يخفي الحالة النفسية الداخلية. والفنان السيريالي يكاد أن يكون نصف نائم ويسمح ليده وفرشاته أن تصور إحساساته العضلية وخواطره المتتابعة دون عائق، وفي هذه الحالة تكون اللوحة أكثر صدقاً.


















عدد الرسل المذكورين في القرآن الكريم، عدد الأنبياء والمرسلين بالترتيب، كم عدد الرسل أولي العزم؟، عدد الرسل والأنبياء فى سور القرآن الكريم

عدد الأنبياء والرسل فى القرآن ، كم عدد الرسل والانبياء العرب وأسماءهم ؟

س: كم عدد الأنبياء والمرسلين؟ وهل عدم الإيمان ببعضهم (لجهلنا بهم) يعتبر كفر؟ وكم عدد الكتب السماوية المنزلة؟ وهل هناك تفاوت في عدد الكتب بين نبي وآخر؟ ولماذ؟

ج: ورد في عدة أحاديث أن عدد الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألف، وأن عدد الرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر، كما ورد أيضاً أن عددهم ثمانية آلاف نبي. والأحاديث في ذلك مذكورة في كتاب ابن كثير تفسير القرآن العظيم، في آخر سورة النساء على قوله تعالى: [وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ].

ولكن الأحاديث في الباب لا تخلو من ضعف على كثرتها والأوْلى في ذلك التوقف، والواجب على المسلم الإيمان بمن سمى الله ورسوله منهم بالتفصيل، والإيمان بالبقية إجمالاً ؛ فقد ذم الله اليهود على التفريق بينهم بقوله تعالى: [وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ].

فنحن نؤمن بكل نبي وكل رسول أرسله الله في زمن من الأزمان، ولكن شريعته لأهل زمانه وكتابه لأمته وقومه، فأما عدد الكتب فورد في الحديث الطويل عن أبي ذر أن عدد الكتب مائة كتاب وأربعة كتب، كما ذكره ابن كثير في التفسير عند الآية المذكورة، ولكن الله أعلم بصحة ذلك، وقد ذكر الله التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى، فنؤمن بذلك ونؤمن بأن لله كتباً كثيرة لا نحيط بها علم، ويكفي أن نصدق بها إجمال. 

الفرق بين النّبي والرسول
اختلف العلماء في معنى النبي ومعنى الرسول وهل هناك من فرق بينهما فهل كلُّ نبي رسول؟ وكلُّ رسول نبيّ؟

كلمة النبوة عرفها الإنسان منذ القدم لذا نجد كلمة نبوة موجودة بكل لغات العالم، وورد ذكرها كثيراً في القرآن الكريم، وتعني إخبار البشر بأعمال الله تعالى المقبلة معهم.

الرسول: هو من يوحى إليه بشريعة الله سبحانه وتعالى ويُكَلََف بتبليغها.

النبي: هو من يوحى إليه بشريعة مكمله أو مجدده لشريعة كانت قد نزلت على نبي سبقه. الرسل والأنبياء هم أناس من خيرة أهل الأرض خصهم الله تعالى بحمل رسالة هداية الناس من الظلام إلى النور لترسيخ مفاهيم العدالة والحب والإيمان بين الناس للوصول بالفرد إلى الفضيلة ليكون مجتمع تكافل وتضامن رسالة الأنبياء للبشر لتعريفهم بخالقهم وتنفيذ أوامره والانتهاء عن نواهيه.

الأنبياء والرسل هم أشخاص اختارهم الله سبحانه وتعالى لهداية الناس وإرشادهم إلى طريق الخير والصلاح ودعوة الناس إلى الأخلاق الحميدة والفضيلة والابتعاد عن المحرمات.

هناك فرق في مصطلح رسول ومصطلح نبي في الإسلام، فمصطلح رسول في الإسلام هو الشخص الذي اختاره الله سبحانه وتعالى وخصه بأن بعثه برسالة وشرع جديد، أما النبي هو الشخص الذي اختاره الله سبحانه وتعالى وخصه بنزول الوحي من عنده تبارك وتعالى ليدعو الناس لعبادة الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له واتباع الشرائع السماوية التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على رسله وانبياءه من قبل، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول.

ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم حوالي 25 اسم من أسماء الأنبياء والرسل، كما ذكر في قرآننا الكريم أن الله سبحانه وتعالى بعث أنبياء ورسل آخرين لكافة الأمم التي وجدت على الأرض لقوله تبارك وتعالى "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ" سورة غافر، آية رقم ٧٨.

النبوة في اللغة تعني الارتفاع أو المكان المرتفع من الارض، والنبي لغةً هي الاسم العلم من كلمة النبوة وتعني أعلام الأرض التي يهتدي بها والنبي هو أرفع خلق الله سبحانه وتعالى، وبنزول القران الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بين أن النبي هو من نزل عليه الوحي من عند الله سبحانه وتعالى، وأمر الناس بتبليغه للناس، وأن هذا وحي الله سبحانه وتعالى وليس شعراً أو سحراً. لقوله تعالى "وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ" سورة الحاقة، آية رقم ٤١. بينما كلمة نبوة في اليهودية عند بني إسرائيل تعني الاخبار عن الله، لذا نجد أنّ كلمة نبي عند اليهود تطلق على كل من يتخرج من المدارس الدينية.



قال الله تعالى: (وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ {1} وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ {2} وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ {3} قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ {4} النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ {5} إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ {6} وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ {7} وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ {8} الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {9} إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ)[سورة البروج].

وقال الله تعالى : ( كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ {7} كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ {8} اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {9} لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) [سورة التوبة].

وعَنْ أبي عبد اللَّه خباب بن الأرت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: شكونا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: ((قد كان مِنْ قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمِنْشار فيوضع عَلَى رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عَنْ دينه! واللَّه ليتمنَّ اللَّه هذا الأمر حتى يسير الراكب مِنْ صنعاء إِلَى حضرموت لا يخاف إلا اللَّه والذئب عَلَى غنمه، ولكنكم تستعجلون!)) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

سقطت غرناطة –آخر قلاع المسلمين في إسبانيا- سنة (897 هـ=1492م)، وكان ذلك نذيرًا بسقوط صرح الأمة الأندلسية الديني والاجتماعي، وتبدد تراثها الفكري والأدبي، وكانت مأساة المسلمين هناك من أفظع مآسي التاريخ؛ حيث شهدت تلك الفترة أعمالاً بربرية وحشية ارتكبتها محاكم التحقيق (التفتيش)؛ لتطهير أسبانيا من آثار الإسلام والمسلمين، وإبادة تراثهم الذي ازدهر في هذه البلاد زهاء ثمانية قرون من الزمان.

وهاجر كثير من مسلمي الأندلس إلى الشمال الإفريقي بعد سقوط مملكتهم؛ فراراً بدينهم وحريتهم من اضطهاد النصارى الأسبان لهم، وعادت أسبانيا إلى دينها القديم، أما من بقي من المسلمين فقد أجبر على التنصر أو الرحيل، وأفضت هذه الروح النصرانية المتعصبة إلى مطاردة وظلم وترويع المسلمين العزل، انتهى بتنفيذ حكم الإعدام ضد أمة ودين على أرض أسبانيا.

ونشط ديوان التحقيق أو الديوان المقدس الذي يدعمه العرش والكنيسة في ارتكاب الفظائع ضد الموريسكيين (المسلمين المتنصرين)، وصدرت عشرات القرارات التي تحول بين هؤلاء المسلمين ودينهم ولغتهم وعاداتهم وثقافتهم، فقد أحرق الكردينال "خمينيث" عشرات الآلاف من كتب الدين والشريعة الإسلامية، وصدر أمر ملكي يوم (22 ربيع أول 917 هـ/20 يونيو 1511) يلزم جميع السكان الذي تنصروا حديثًا أن يسلموا سائر الكتب العربية التي لديهم، ثم تتابعت المراسيم والأوامر الملكية التي منعت التخاطب باللغة العربية وانتهت بفرض التنصير الإجباري على المسلمين، فحمل التعلق بالأرض وخوف الفقر كثيرًا من المسلمين على قبول التنصر ملاذًا للنجاة، ورأى آخرون أن الموت خير ألف مرة من أن يصبح الوطن العزيز مهدًا للكفر، وفر آخرون بدينهم، وكتبت نهايات متعددة لمأساة واحدة هي رحيل الإسلام عن الأندلس.







صورة للوحة زيتية قديمة تظهر إحراق المصاحف والكتب الإسلامية من قبل أعضاء محاكم التفتيش في أسبانيا


محاكم التفتيش:

توفي فرناندو الخامس ملك إسبانيا في (17 ذي الحجة 921 هـ=23 يناير 1516م) وأوصى حفيده شارل الخامس بحماية الكاثوليكية والكنيسة واختيار المحققين ذوي الضمائر الذين يخشون الله لكي يعملوا في عدل وحزم لخدمة الله، وتوطيد الدين الكاثوليكي، كما يجب أن يسحقوا طائفة محمد!

وقد لبث "فرناندو" زهاء عشرين عامًا بعد سقوط الأندلس ينزل العذاب والاضطهاد بمن بقي من المسلمين في أسبانيا، وكانت أداته في ذلك محاكم التحقيق التي أنشئت بمرسوم بابوي صدر في (رمضان 888 هـ= أكتوبر 1483م) وعين القس "توماس دي تركيمادا" محققًا عامًا لها، ووضع دستورًا لهذه المحاكم الجديدة، وعددًا من اللوائح والقرارات.

وقد مورست في هذه المحاكم معظم أنواع التعذيب المعروفة في العصور الوسطى، وأزهقت آلاف الأرواح تحت وطأة التعذيب، وقلما أصدرت هذه المحاكم حكمًا بالبراءة، بل كان الموت والتعذيب الوحشي هو نصيب وقسمة ضحاياها، حتى إن بعض ضحاياها كان ينفذ فيه حكم الحرق في احتفال يشهده الملك والأحبار، وكانت احتفالات الحرق جماعية، تبلغ في بعض الأحيان عشرات الأفراد، وكان فرناندو الخامس من عشاق هذه الحفلات، وكان يمتدح الأحبار المحققين كلما نظمت حفلة منها.

وبث هذا الديوان منذ قيامه جوًا من الرهبة والخوف في قلوب الناس، فعمد بعض هؤلاء الموريسكيين إلى الفرار، أما الباقي فأبت الكنيسة الكاثوليكية أن تؤمن بإخلاصهم لدينهم الذي أجبروا على اعتناقه؛ لأنها لم تقتنع بتنصير المسلمين الظاهري، بل كانت ترمي إلى إبادتهم.


شارل الخامس والتنصير الإجباري:

تنفس الموريسكيون(المسلمون المنصرون قسراً) الصعداء بعد موت فرناندو وهبت عليهم رياح جديدة من الأمل، ورجوا أن يكون عهد "شارل الخامس" خيرًا من سابقه، وأبدى الملك الجديد –في البداية- شيئًا من اللين والتسامح نحو المسلمين والموريسكيين، وجنحت محاكم التحقيق إلى نوع من الاعتدال في مطاردتهم، وكفت عن التعرض لهم بسبب توسط النبلاء والسادة الذين يعمل المسلمون في ضياعهم، ولكن هذه السياسة المعتدلة لم تدم سوى بضعة أعوام، وعادت العناصر الرجعية المتعصبة في البلاط وفي الكنيسة، فغلبت كلمتها، وصدر مرسوم في (16 جمادى الأولى 931 هـ=12 مارس 1524م) يحتم تنصير كل مسلم بقي على دينه، وإخراج كل من أبى النصرانية من إسبانيا، وأن يعاقب كل مسلم أبى التنصر أو الخروج في المهلة الممنوحة بالرق مدى الحياة، وأن تحول جميع المساجد الباقية إلى كنائس.

ولما رأى الموريسكيون هذا التطرف من الدولة الإسبانية، استغاثوا بالإمبراطور شارل الخامس، وبعثوا وفداً منهم إلى مدريد ليشرح له مظالمهم، فندب شارل محكمة كبرى من النواب والأحبار والقادة وقضاة التحقيق، برئاسة المحقق العام لتنظر في شكوى المسلمين، ولتقرر ما إذا كان التنصير الذي وقع على المسلمين بالإكراه يعتبر صحيحًا ملزمًا، بمعنى أنه يحتم عقاب المخالف بالموت.

وقد أصدرت المحكمة قرارها بعد مناقشات طويلة، بأن التنصير الذي وقع على المسلمين صحيح لا تشوبه شائبة؛ لأن هؤلاء الموريسكيين سارعوا بقبوله اتقاء لما هو شر منه، فكانوا بذلك أحراراً في قبوله.

وعلى أثر ذلك صدر أمر ملكي بأن يرغم سائر المسلمين الذين تنصروا كرهًا على البقاء في أسبانيا، باعتبارهم نصارى، وأن ينصر كل أولادهم، فإذا ارتدوا عن النصرانية، قضى عليهم بالموت أو المصادرة، وقضى الأمر في الوقت نفسه، بأن تحول جميع المساجد الباقية في الحالة إلى كنائس.

وكان قدر هؤلاء المسلمين أن يعيشوا في تلك الأيام الرهيبة التي ساد فيها إرهاب محاكم التحقيق، وكانت لوائح الممنوعات ترد تباعًا، وحوت أوامر غريبة منها: حظر الختان، وحظر الوقوف تجاه القبلة، وحظر الاستحمام والاغتسال، وحظر ارتداء الملابس العربية.

ولما وجدت محكمة تفتيش غرناطة بعض المخالفات لهذه اللوائح، عمدت إلى إثبات تهديدها بالفعل، وأحرقت اثنين من المخالفين في (شوال 936هـ/مايو 1529م) في احتفال ديني.







صورة للوحة زيتية قديمة تظهر إحراق مسلمين في أثناء حفل ديني


كان لقرارات هذا الإمبراطور أسوأ وقع لدى المسلمين، وما لبثت أن نشبت الثورة في معظم الأنحاء التي يقطنونها في سرقسطة وبلنسية وغيرهما، واعتزم المسلمون على الموت في سبيل الدين والحرية، إلا أن الأسبان كانوا يملكون السلاح والعتاد فاستطاعوا أن يخمدوا هذه الثورات المحلية باستثناء بلنسية التي كانت تضم حشدًا كبيرًا من المسلمين يبلغ زهاء (27) ألف أسرة، فإنها استعصت عليهم، لوقوعها على البحر واتصالها بمسلمي المغرب.

وقد أبدى مسلمو بلنسية مقاومة عنيفة لقرارات التنصير، ولجأت جموع كبيرة منهم إلى ضاحية (بني وزير)، فجردت الحكومة عليهم قوة كبيرة مزودة بالمدافع، وأرغمت المسلمين في النهاية على التسليم والخضوع، وأرسل إليهم الإمبراطور إعلان الأمان على أن يتنصروا، وعدلت عقوبة الرق إلى الغرامة، وافتدى الأندلسيون من الإمبراطور حق ارتداء ملابسهم القومية بمبلغ طائل.

وكانت سياسة التهدئة من شارل الخامس محاولة لتهدئة الأوضاع في جنوب الأندلس حتى يتفرغ للاضطرابات التي اندلعت في ألمانيا وهولندا بعد ظهور مارتن لوثر وأطروحاته الدينية لإصلاح الكنيسة وانتشار البروتستانتية؛ لذلك كان بحاجة إلى توجيه كل اهتمامه واهتمام محاكم التحقيق إلى "الهراطقة" في شمال أوروبا، كما أن قيام محاكم التحقيق بما يفترض أن تقوم به كان يعني إحراق جميع الأندلسيين؛ لأن الكنيسة تدرك أن تنصرهم شكلي لا قيمة له، يضاف إلى ذلك أن معظم المزارعين الأندلسيين كانوا يعملون لحساب النبلاء أو الكنيسة، وكان من مصلحة هؤلاء الإبقاء على هؤلاء المزارعين وعدم إبادتهم.

وكان الإمبراطور شارل الخامس حينما أصدر قراره بتنصير المسلمين، وعد بتحقيق المساواة بينهم وبين النصارى في الحقوق والواجبات، ولكن هذه المساواة لم تتحقق قط، وشعر هؤلاء أنهم ما زالوا موضع الريب والاضطهاد، ففرضت عليم ضرائب كثيرة لا يخضع لها النصارى، وكانت وطأة الحياة تثقل عليهم شيئًا فشيئًا، حتى أصبحوا أشبه بالرقيق والعبيد، ولما شعرت السلطات بميل الموريسكيين إلى الهجرة، صدر قرار في سنة (948 هـ=1514م)، يحرم عليهم تغيير مساكنهم، كما حرم عليهم النزوح إلى بلنسية التي كانت دائمًا طريقهم المفضل إلى الهجرة، ثم صدر قرار بتحريم الهجرة من هذه الثغور إلا بترخيص ملكي، نظير رسوم فادحة. وكان ديوان التحقيق يسهر على حركة الهجرة ويعمل على قمعها بشدة.

ولم تمنع هذه الشدة من ظهور اعتدال من الإمبراطور في بعض الأوقات، ففي سنة (950 هـ=1543م) أصدر عفوًا عن بعض المسلمين المتنصرين؛ تحقيقًا لرغبة مطران طليطلة، وأن يسمح لهم بتزويج أبنائهم وبناتهم من النصارى الخلص، ولا تصادر المهور التي دفعوها للخزينة بسبب الذنوب التي ارتكبوها.

وهكذا لبثت السياسة الأسبانية أيام الإمبراطور شارل الخامس (922 هـ=1516م) حتى (963هـ=1555م) إزاء الموريسكيين تتردد بين الشدة والقسوة، وبين بعض مظاهر اللين والعفو، إلا أن هؤلاء المسلمين تعرضوا للإرهاق والمطاردة والقتل ووجدت فيهم محاكم التحقيق الكنسية مجالاً مفضلاً لتعصبها وإرهابها.

الألخميادو:

وكانت الأمة الأندلسية خلال هذا الاستشهاد المحزن، الذي فرض عليها تحاول بكل وسيلة أن تستبقي دينها وتراثها، فكان الموريسيكيون بالرغم من دخولهم في النصرانية يتعلقون سراً بالإسلام، وكثير منهم يؤدون شعائر الإسلام خفية، وكانوا يحافظون على لغتهم العربية، إلا أن السياسة الإسبانية فطنت إلى أهمية اللغة في تدعيم الروح الإسلامية؛ لذلك أصدر الإمبراطور شارل الخامس سنة ( 932 هـ=1526م) أول قانون يحرم التخاطب بالعربية على الموريسكيين، ولكنه لم يطبق بشدة؛ لأن هؤلاء الموريسكيين دفعوا له (100) ألف دوقة حتى يسمح لهم بالتحدث بالعربية، ثم أصدر الإمبراطور فيليب الثاني سنة (964 هـ/1566م) قانونًا جديدًا يحرم التخاطب بالعربية، وطبق بمنتهى الشدة والصرامة، وفرضت القشتالية كلغة للتخاطب والتعامل، ومع ذلك وجد الموريسكيون في القشتالية متنفسًا لتفكيرهم وأدبهم، فكانوا يكتبونها سراً بأحرف عربية، وأسفر ذلك بمضي الزمن عن خلق لغة جديدة هي "ألخميادو" وهي تحريف إسباني لكلمة "الأعجمية"، ولبثت هذه اللغة قرنين من الزمان سراً مطموراً، وبذلك استطاعوا أن يحتفظوا بعقيدتهم الإسلامية، وألف بها بعض الفقهاء والعلماء كتبًا عما يجب أن يعتقد المسلم ويفعله حتى يحتفظ بإسلامه، وشرحوا آيات القرآن باللغة الألخميادية وكذلك سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من أشهر كتاب هذه اللغة الفقيه المسمى "فتى أبيرالو" وهو مؤلف لكتب التفسير، وتلخيص السنة، ومن الشعراء محمد ربدان الذي نظم كثيرًا من القصائد والأغنيات الدينية؛ وبذلك تحصن الموريسيكيون بمبدأ "التقية" فصمدوا في وجه مساعي المنصرين الذين لم تنجح جهودهم التبشيرية والتعليمية والإرهابية في الوصول إلى تنصير كامل لهؤلاء الموريسيكيين، فجاء قرار الطرد بعد هذه الإخفاقات.

ولم تفلح مساعي الموريسيكيين في الحصول على دعم خارجي فعال من الدولة العثمانية أو المماليك في مصر، رغم حملات الإغارة والقرصنة التي قام بها العثمانيون والجزائريون والأندلسيون على السفن والشواطئ الأسبانية، ودعم الثوار الموريسيكيين.

واستمرت محاكم التحقيق في محاربة هؤلاء المسلمين طوال القرن السادس عشر الميلادي، وهو ما يدل على أن آثار الإسلام الراسخة في النفوس بقيت بالرغم من المحن الرهيبة وتعاقب السنين، ولعل من المفيد أن نذكر أن رجلاً أسبانيًا يدعى "بدية" توجه إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج سنة (1222هـ=1807م) أي بعد 329 سنة من قيام محاكم التفتيش.

وبعد مرور أربعة قرون على سقوط الأندلس، أرسل نابليون حملته إلى أسبانيا وأصدر مرسوماً سنة 1808 م بإلغاء دواوين التفتيش في المملكة الأسبانية.

ولنستمع إلى هذه القصة التي يرويها لنا أحد ضباط الجيش الفرنسي الذي دخل إلى إسبانيا بعد الثورة الفرنسية ( كتب "الكولونيل ليموتسكي" أحد ضباط الحملة الفرنسية في إسبانيا قال: " كنت سنة 1809 ملحقاً بالجيش الفرنسي الذي يقاتل في إسبانيا وكانت فرقتي بين فرق الجيش الذي احتل (مدريد) العاصمة، وكان الإمبراطور نابيلون أصدر مرسوماً سنة 1808 بإلغاء دواوين التفتيش في المملكة الإسبانية، غير أن هذا الأمر أهمل العمل به للحالة والإضطرابات السياسية التي سادت وقتئذ.




صور منوعة لبعض أدواة التعذيب التي استعملت في محاكم التفتيش الإسبانية





































وصمم الرهبان الجزوبت أصحاب الديوان الملغى على قتل وتعذيب كل فرنسي يقع في أيديهم انتقاماً من القرار الصادر، وإلقاءً للرعب في قلوب الفرنسيين حتى يضطروا إلى إخلاء البلاد فيخلوا لهم الجو.

وبينما أسير في إحدى الليالي أجتاز شارعاً يقل المرور فيه من شوارع مدريد إذ باثنين مسلحين قد هجما عليّ يبغيان قتلي، فدافعت عن حياتي دفاعاً شديداً ولم ينجني من القتل إلا قدوم سرية من جيشنا مكلفة بالتطواف في المدينة، وهي كوكبة من الفرسان تحمل المصابيح وتبيت الليل ساهرة على حفظ النظام، فما أن شاهدها القاتلان حتى لاذا بالهرب. وتبين من ملابسهما أنهما من جنود ديوان التفتيش فأسرعت إلى (المارشال سولت) الحاكم العسكري لمدريد وقصصت عليه النبأ، وقال لا شك بأن من يقتل من جنودنا كل ليلة إنما هو من صنع أولئك الأشرار، لا بد من معاقبتهم وتنفيذ قرار الإمبراطور بحل ديوانهم، والآن خذ معك ألف جندي وأربع مدافع وهاجم دير الديوان واقبض على هؤلاء الرهبان الأبالسة .. "

حدث إطلاق نار من اليسوعيين حتى دخلوا عنوة ثم يتابع قائلاً " أصدرتُ الأمر لجنودي بالقبض على أولئك القساوسة جميعاً، وعلى جنودهم الحراس توطئة لتقديمهم إلى مجلس عسكري، ثم أخذنا نبحث بين قاعات وكراس هزازة وسجاجيد فارسية وصور ومكاتب كبيرة، وقد صنعت أرض هذه الغرفة من الخشب المصقول المدهون بالشمع، وكان شذى العطر يعبق أرجاء الغرف، فتبدو الساحة كلها أشبه بأبهاء القصور الفخمة التي لا يسكنها إلا ملوك قصروا حياتهم على الترف واللهو، وعلمنا بعد أنَّ تلك الروائح المعطرة تنبعث من شمع يوقد أمام صور الرهبان ويظهر أن هذا الشمع قد خلط به ماء الورد".

" وكادت جهودنا تذهب سدى ونحن نحاول العثور على قاعات التعذيب، إننا فحصنا الدير وممراته وأقبيته كلها. فلم نجد شيئاً يدل على وجود ديوان للتفتيش. فعزمنا على الخروج من الدير يائسين، كان الرهبان أثناء التفتيش يقسمون ويؤكدون أن ما شاع عن ديرهم ليس إلا تهماً باطلة، وأنشأ زعيمهم يؤكد لنا براءته وبراءة أتباعه بصوت خافت وهو خاشع الرأس، توشك عيناه أن تطفر بالدموع، فأعطيت الأوامر للجنود بالاستعداد لمغادرة الدير، لكن "دي ليل" استمهلني قائلاً: (أيسمح لي الكولونيل أن أخبره أن مهمتنا لم تنته حتى الآن؟!!).

قلت له: فتشنا الدير كله، ولم نكتشف شيئاً مريباً. فماذا تريد يا لفتنانت؟!.. قال: (إنني أرغب أن أفحص أرضية هذه الغرف فإن قلبي يحدثني بأن السر تحتها).

عند ذلك نظر الرهبان إلينا نظرات قلقة، فأذنت للضابط بالبحث، فأمر الجنود أن يرفعوا السجاجيد الفاخرة عن الأرض، ثم أمرهم أن يصبوا الماء بكثرة في أرض كل غرفة على حدة – وكنا نرقب الماء – فإذا بالأرض قد ابتلعته في إحدى الغرف. فصفق الضابط "دي ليل" من شدة فرحه، وقال ها هو الباب، انظروا، فنظرنا فإذا بالباب قد انكشف، كان قطعة من أرض الغرفة، يُفتح بطريقة ماكرة بواسطة حلقة صغيرة وضعت إلى جانب رجل مكتب رئيس الدير.

أخذ الجنود يكسرون الباب بقحوف البنادق، فاصفرت وجوه الرهبان، وعلتها الغبرة.

وفُتح الباب، فظهر لنا سلم يؤدي إلى باطن الأرض، فأسرعت إلى شمعة كبيرة يزيد طولها على متر، كانت تضئ أمام صورة أحد رؤساء محاكم التفتيش السابقين، ولما هممت بالنزول، وضع راهب يسوعى يده على كتفي متلطفاً، وقال لي: يابني: لا تحمل هذه الشمعة بيدك الملوثة بدم القتال، إنها شمعة مقدسة.

قلت له، يا هذا إنه لا يليق بيدي أن تتنجس بلمس شمعتكم الملطخة بدم الأبرياء، وسنرى من النجس فينا، ومن القاتل السفاك!؟!.

وهبطت على درج السلم يتبعني سائر الضباط والجنود، شاهرين سيوفهم حتى وصلنا إلى آخر الدرج، فإذا نحن في غرفة كبيرة مرعبة، وهي عندهم قاعة المحكمة، في وسطها عمود من الرخام، به حلقة حديدية ضخمة، وربطت بها سلاسل من أجل تقييد المحاكمين بها.

وأمام هذا العمود كانت المصطبة التي يجلس عليها رئيس ديوان التفتيش والقضاة لمحاكمة الأبرياء. ثم توجهنا إلى غرف التعذيب وتمزيق الأجسام البشرية التي امتدت على مسافات كبيرة تحت الأرض.

رأيت فيها ما يستفز نفسي، ويدعوني إلى القشعريرة والتـقزز طوال حياتي.

رأينا غرفاً صغيرةً في حجم جسم الإنسان، بعضها عمودي وبعضها أفقي، فيبقى سجين الغرف العمودية واقفاً على رجليه مدة سجنه حتى يموت، ويبقى سجين الغرف الأفقية ممداً بها حتى الموت، وتبقى الجثث في السجن الضيق حتى تبلى، ويتساقط اللحم عن العظم، وتأكله الديدان، ولتصريف الروائح الكريهة المنبعثة من جثث الموتى فتحوا نافذة صغيرة إلى الفضاء الخارجي.

وقد عثرنا في هذه الغرف على هياكل بشرية ما زالت في أغلالها.

كان السجناء رجالاً ونساءً، تتراوح أعمارهم ما بين الرابعة عشرة والسبعين، وقد استطعنا إنقاذ عدد من السجناء الأحياء، وتحطيم أغلالهم ، وهم في الرمق الأخير من الحياة.

كان بعضهم قد أصابه الجنون من كثرة ما صبوا عليه من عذاب، وكان السجناء جميعاً عرايا، حتى اضطر جنودنا إلى أن يخلعوا أرديتهم ويستروا بها بعض السجناء.

أخرجنا السجناء إلى النور تدريجياً حتى لا تذهب أبصارهم، كانوا يبكون فرحاً، وهم يقبّلون أيدي الجنود وأرجلهم الذين أنقذوهم من العذاب الرهيب، وأعادوهم إلى الحياة، كان مشهداً يبكي الصخور.




صور بعض أساليب التعذيب التي تعرض لها المورسكيون في الأندلس والمعروضة في أحد المتاحف في أسبانيا



















ثم انتقلنا إلى غرف أخرى، فرأينا فيها ما تقشعر لهوله الأبدان، عثرنا على آلات رهيبة للتعذيب، منها آلات لتكسير العظام، وسحق الجسم البشري، كانوا يبدؤون بسحق عظام الأرجل، ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجيا، حتى يهشم الجسم كله، ويخرج من الجانب الآخر كتلة من العظام المسحوقة، والدماء الممزوجة باللحم المفروم، هكذا كانوا يفعلون بالسجناء الأبرياء المساكين، ثم عثرنا على صندوقٍ في حجم جسم رأس الإنسان تماماً، يوضع فيه رأس الذي يريدون تعذيبه بعد أن يربطوا يديه ورجليه بالسلاسل والأغلال حتى لا يستطيع الحركة، وفي أعلى الصندوق ثقب تتقاطر منه نقط الماء البارد على رأس المسكين بانتظام، في كل دقيقة نقطة، وقد جُنّ الكثيرون من هذا اللون من العذاب، ويبقى المعذب على حاله تلك حتى يموت.

وآلة أخرى للتعذيب على شكل تابوت تثبت فيه سكاكين حادة.

كانوا يلقون الشاب المعذب في هذا التابوت، ثم يطبقون بابه بسكاكينه وخناجره. فإذا أغلق مزق جسم المعذب المسكين، وقطعه إرباً إرباً.

كما عثرنا على آلات كالكلاليب تغرز في لسان المعذب ثم تشد ليخرج اللسان معها، ليقص قطعة قطعة، وكلاليب تغرس في أثداء النساء وتسحب بعنفٍ حتى تتقطع الأثداء أو تبتر بالسكاكين.

وعثرنا على سياط من الحديد الشائك يُضرب بها المعذبون وهم عراة حتى تتفتت عظامهم، وتتناثر لحومهم.

وصل الخبر إلى مدريد، فهب الألوف ليروا وسائل التعذيب، فأمسكوا برئيس اليسوعيين ووضعوه في آلة تكسير العظام، فدقت عظامه دقاً وسحقها سحقاً، وأمسكوا كاتم سره وزفوه إلى السيدة الجميلة ،وأطبقوا عليه الأبواب فمزقته السكاكين شر ممزق ثم أخرجوا الجثتين وفعلوا بسائر العصابة وبقية الرهبان كذلك. ولم تمض نصف ساعة حتى قضى الشعب على حياة ثلاثة عشر راهباً، ثم أخذ ينهب ما بالدير (1).



يقول الشاعر:

حكمنا فكان العدل منا سجيّة.. وحكمتم فسال بالدم أبطح!!

وحسبكُمُ هذا التفاوت بيننا وكل إناء بالذي فيه ينضح


تأملات إيمانية

[تأملات إيمانية][fbig1]

دروس ومحاضرات

[دروس ومحاضرات][slider2]

يتم التشغيل بواسطة Blogger.